الاثنين، 4 أبريل 2011

عن حقوق الإنسان بالمغرب

شهدت الحياة السياسية بالمغرب في أواخر التسعينات، حركية غير مسبوقة، توجت بتشكيل حكومة عبد الرحمان اليوسفي، وبإقرار مبدأ التناوب على السلطة، وبتعديلين دستوريين سنوات1992و1996.هده الدينامية، جاءت بعد انفتاح السلطة السياسية على ثقافة حقوق الإنسان،وإرادتها تعزيز الحريات العامة في البلاد.
ولاشك أن للمتغيرات الدولية، ولتطور منظومة حقوق الإنسان الدولية، الأثر الكبير في هدا التحول، فمطلب تحسين الصورة لدى المنظمات الأجنبية ،و الرغبة في الاندماج في السوق العالمية ،كانا حافزا قويا. تطلب ضرورة تقوية شروط ومناخ بناء اقتصاد ليبرالي، حر، وواعد.
كيف تطورت المنظومة الحقوقية  بالمغرب ؟وما هي الآثار التي طبعت تجربتها، في مجال الطي النهائي للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، لفترة ما بات يسمى سنوات الرصاص ؟وهل بالفعل يمكن أن نتحدث عن دخول المغرب مرحلة تاريخية جديدة، تقطع مع السلوكات المشينة ومخلفات الماضي ؟وكيف يمكن أن نقيم هده التجربة ،وبأي زاوية ومنظور ؟وهل لامس المغاربة أثر التغيير على مستوى الحريات ؟على مستوى التمتع بالحقوق السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية ؟

أولا :حقوق الإنسان بالمغرب  

1-السياق التاريخي

كما سبق القول تعزز المشهد السياسي الوطني بتطور مفاهيم حقوق الإنسان، ورغبة الدولة تحديث دواليبها في الاتجاه الديمقراطي ،بعد أن شهدت فترات الستينات والسبعينات من القرن الماضي، احتدام الصراع حول السلطة، ما بين الحركة الوطنية والقصر.
 هدا الصراع التاريخي تولد بعد خلافات حزب الاستقلال في شكله الوحدوي الأول،-أو بعد حصول انشقاقات في صفوفه- خلافات حول مضامين دستور المملكة الصادر قبيل الاستقلال.
وبعض مخاض عسير وتغييرات دستورية متعددة جاء دستور 1996 ليشكل نقلة في الاعتراف بحقوق الإنسان، وتحولا نحو الانفراج. حيث جاءت ديباجته لتؤكد أن المغرب، يقر بحقوق الإنسان، كما هو متعارف عليها عالميا .
 تلته انخراط الأحزاب المعارضة آنذاك، في مسلسل التناوب التوافقي. والقبول بالدستور، بعد أن كانت رافضة له، معتبرة طريقة وضعه أي الدستور الممنوح ،لا تليق و الأعراف الديمقراطية، وكان مطلبها أن ينبثق من اللجنة التأسيسية للدستور.
وقد كان من نتائج هده التطورات ،واعتلاء محمد السادس العرش .أن تأسست هيئة الإنصاف والمصالحة. وما تمخض من أعمالها وتوصياتها من تعويض ضحايا الاختطاف، والاعتقالات التعسفية .

2-أهمية حقوق الإنسان

تعتبر حقوق الإنسان من الأمور الجوهرية ،لاستمرار الكيانات السياسية. فهو يمس في العمق، جوهر نظمها وطبيعة الحياة الديمقراطية فيها ،إذ يمكن القول أن إشكالية حقوق الإنسان في مجتمع ما، هي إشكالية التنمية ذاتها. فلا يمكن الحديث عن تنمية دون تمتع بالحريات والحقوق، لفاعل التنمية ذاتها ومحورها، ألا وهو الإنسان.
ولاشك أن هدا الموضوع ،هو الأكثر ارتباطا بالتفاعلات السياسية، وبالسياقات التاريخية، والفكرية ،والتي أفرزت أشكالا وألوانا من ممارساته، فنحن إزاء مفهوم قابل للتمدد والانكماش، بين لحظة وأخرى. تبعا لتأثير المناخ الفكري والثقافي والسياسي والاقتصادي المؤطر له .

ثانيا : التجربة المغربية بين الواقع والآمال

 توج مسلسل تعزيز دولة الحق والقانون بالمغرب بمراجعات قانونية مهمة، شملت إعادة النظر في الترسانة القانونية ،التي نتوفر عليها ومحاولة تحيينها، كالقانون الجنائي، ومدونة الأسرة، والقانون التجاري …..الخ.
وعلى مستوى الخطاب الرسمي تؤكد مجمل التصريحات الحكومية أن الدولة، ماضية نحو تعزيز الحريات والحقوق، للمواطن المغربي –حق الشغل، حق الإضراب، حرية تأسيس الأحزاب والجمعيات ….الخ- والمضي نحو ديمقراطية المؤسسات والهيئات العمومية.

1-أية حقوق؟

إن حقوق الإنسان الرسمية ،غالبا تنزع وراء الحقوق الفردية للمواطن، والتي تهم مسائل، من قبيل المساواة ،الحرية ،احترام الآخر ،الملكية ….الخ.إنها حقوق لا يشكل الاعتراف بها أي عبئ على الدولة وميزانيتها.
 في حين يغيب الإقرار بمسؤولية الدولة اتجاه مواطنيها ،بتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم ،أي توفير حقوق، تهم صميم إشكالات المجتمع ومعاناته،كحق الشغل : ضمانه وتوفيره .والحق في الصحة العمومية: كإنشاء المؤسسات الصحية اللاممركزة وتوفير خدمات مجانية .والحق في التعليم: بإصلاح التعليم العمومي ،والرقي به والاعتناء بجودة خدماته……..الخ.
ويبقى أن نشير إلا أن التغيير الحقيقي هو الذي يحتم تبني هده الخيارات الحقوقية والديمقراطية، كخيارات إستراتيجية لا محيد للفاعل السياسي له بها .لا كبرامج تكتيكية، تتوخى تدبير الأزمات ،وفض المشكلات التي يواجهها النظام السياسي بين الفينة والأخرى .

2-حقوق الإنسان بالمغرب : قراءة نقدية

بالرغم من التأكيد المتجدد للسلطات العمومية على ضمان الحقوق والحريات، وتعزيزها في جميع البرامج الحكومية، وفي مختلف القطاعات كالعدل، والشرطة، أومن خلال تسطير برامج للتربية على حقوق الإنسان.
إلا أن الهوة بين النظر والواقع، ومابين الخطاب والممارسة، تتسع يوما بعد يوم .
فالمتتبع الناقد للشأن المغربي لا يسعه إلا الاعتراف بالكم الهائل من النصوص والتشريعات الجديدة، والتي مست الحياة الحقوقية المغربية، وكدا كثرة المنتديات واللقاءات المهتمة بهده التيمة ، وفي نفس الوقت ينظر إلى حجم الخروقات والانتهاكات، التي طبعت المرحلة .
 فبالجزم ليس مغرب اليوم كالأمس ،حيث يمكن التعبير والتطرق في كافة الموضوعات، دون إمكانية الفعل والتأثير.
 اد يبقى للسلطة السياسية،ننن الحسم النهائي في كل القضايا الاجتماعية، والسياسية ،والاقتصادية. مما يفرغ المقاربة التشاركية من روحها.
هدا ويعد غياب المواطن في كثير من الأحيان، عن مراقبة ممثليه، أو من خلال عزوفه عن المشاركة السياسية، والدي يعد الامتناع عن التصويت في الانتخابات إحدى تجلياتها ،وعجز الهيئات السياسية والنقابية على أن تعكس الوجه الحقيقي لأزمات الإنسان المغربي،ن مع معيشه اليومي،وأمنه الاقتصادي،وحقوقه الاجتماعية .
إن سقف الحريات والحقوق في المغرب ،محدود. ومطبوع بتوجهات الدولة، وإشاراتها الخضراء، بين الحين والآخر ،ولعبة التنديد بالانتهاكات ،والتعليق على التقارير السنوية، من طرف الجمعيات الحقوقية المغربية ،لعبة مكشوفة. تنم عن ابتزاز سياسي، تمارسه هده الهيئات، ضد الدولة.وتمارسه الدولة ،بالمثل وبشكل آخر، من أجل تلميع صورة المغرب لدى المنظمات الدولية، والتمكن من الحصول على دعم الدول الغربية. ليبقى المواطن البسيط، بعيدا عن إحقاق حق، أو تنحية باطل .

إن الاعتراف بحقوق المواطنة ،الإقرار بالمساواة أمام القانون ،تفعيل فصل السلط ،اقتسام الثروة ،كلها أدوات قادرة على أن تسرع من تطور المجتمع ونمائه،ورقيه ورخائه،لكن كإرادة جماعية دافعة ،ينخرط فيها الجميع دون إقصاء أو حيف .وتوجه في الاتجاه الأمثل ،دون انتظار إملاءات أو توجهات المنتظم الدولي ،فالكرامة تبدأ من الأنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لا إِله إلا انت سبحانك ربى اني كنت من الظالمين - حسبى الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم - رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا ومحمد عليه افضل الصلاة والسلام نبيا - لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم - يارب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك - اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد عليه افضل الصلاة والسلام - سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر - حسبنا الله ونعم الوكيل - استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم