الأربعاء، 27 يونيو 2018

من دفاتري القديمة: وقفة وتأمل


ليس بإمكاننا توقيف العالم، حركية الأرض ودوران الشمس، ليس بمقدورنا التصرف خارج هذه النواميس الدقيقة والغاية في الإتقان والوجود، لأن دورنا بكل بساطة ينحصر في الشهادة على هذه الأشياء والظواهر الكونية، حقا......"؟

من غرائب ما يقع أنه كلما هممت بالكتابة أو التعبير إلا أخذتني الكلمات والعبارات تشق طريقها نحو المجهول، دون أن أدري علاقة ذلك برغبتي التي بدأت في تنفيذها.
أشق طريقي بالكلمات وهي تأخذني إلى عوالم متناثرة ومتباعدة بين الماضي والحاضر وترقب المستقبل، الحكمة عطاء إلهي لا تدرك بالمحاججة أو بالتلقي أو بالركون إلى رفوف المكتبات بالقراءة والمطالعة فقط. الحكمة هبة ينالها من كان فيه الاستعداد لتلقيها.
نظرتنا إلى الأمور اعترتها تغييرات بسبب نضج نسبي أو ابتعاد زمني، لا بأس به، بين أحداث اليوم وهموم الأمس. النضج العقلي والعاطفي تراكم وليس حديثا عابرا، هو سيرورة ضمن حقائق النمو التي يشهدها البشر عموما، وبالتالي يختلف التعاطي مع المشكلات حتما وتختلف طبيعة وحدة هاته الإشكالات، لكن إلى حدود هذه اللحظة فنفس الوضع هو هو .... لا جديد ....لا خلاف....وقد يكون إدراك هذا الوضع من حيث الحجم والوضعية أكثر من أي وقت مضى مما يزيد في التعاطي معها وباستمرارية لا مثيل لها .
بقلم ياسين الضوو
مدينة دمنات العامرة بتاريخ التاسع من يوليوز 2000
على الساعة الثانية و19 دقيقة بعد منتصف الليل



إسعاف


الأحد، 24 يونيو 2018

دفاتري القديمة : حلقة التربية والتنشئة


وأنا أقوم بتقليب دفاتري القديمة، أعثر على أوراق مبعثرة هنا و هناك، تحمل مضامين تأملية فكرية لحظية ربما حتى استشرافية ، يرجع تاريخ هذه الوريقات الى أكثر من ثمانية عشر سنة ، أكيد أن الحال غير الحال والسؤال غير السؤال ، فما الذي تبدل بين الأمس واليوم في سؤال الهوية وتحصينها وواقع العولمة وتأثيراتها ، وفي قضايا التربية أفقا للتفكير واستشرافا للمستقبل، وريقات بمضامين لحظة الانطلاق وقضايا واقع حالنا استهلاك مخرجات أزمة تربوية خانقة، كان من الممكن تطويقها بالإجابة عن أسئلة الماضي بصدق وبلا لف و لا دوران ٠ حتى لا أطيل عليكم أترككم مع ماحملته تلك الحروف من شتات فكري يحتاج الى إعادة صياغة بميزان اليوم، على أني تركتها كما هي آملا في ترك اللحظة بما نتجت، والفكرة بما أبدعت، دون حذف أو إضافة ، ماعدا هذا العنوان.

التربية بين التنشئة الاجتماعية وأسئلة المستقبل 

من البديهي أن يكون لكل مجتمع نظام للتنشئة الاجتماعية خاص به لتكوين الأجيال الجديدة، وهو نظام يجب أن يتميز إلى حد كبير بالتماسك، كي يضمن استمرارية لشخصية المجتمع ووحدته، مع العمل على تسهيل إدماج الفرد في المجتمع، وبناء عليه فان مسألة التنمية الاجتماعية تعتبر من الاهتمامات الكبرى لدى الدول وخصوصا تلك المجتمعات التي تشهد عدة تحولات جراء تأثيرات المجتمعات الغربية ( المركز) ومن بينها المغرب.
لقد عرفت هذه المجتمعات تحولات جذرية على مستوى كبير من الحدة الى درجة أنها وجدت نفسها في مواجهة حالات الهدم وإعادة البناء، واعتبرها بعض الباحثين بمثابة أزمة أي مشكلة ذات أعراض حديثة تتعلق بكيفية الاستجابة لمتطلبات الحياة الاستعجالية القائمة، وبالتالي لمتطلبات التنمية الاجتماعية التي ترتكز على تكوين فاعل اجتماعي جديد يختلف عن الفاعل الآخر المنتمي الى النظام القبلي القديممن هذا المنطلق نطرح الأسئلة التالية :
هل علينا أن نبني نظاما للتنشئة الاجتماعية قديم حماية لأنفسنا من الآثار السلبية لنظام القيم الذي أفرزها الآخر( الغرب) ذلك النظام الذي يهدد هويتنا الشخصية والثقافية ؟ أم علينا ان نترك الماضي جانبا، ونتخلى عن ثراث الأجداد ونراهن بالتالي على الحضارة العصرية بكامل مكوناتها المادية والروحية؟ هل بإمكاننا أن نلاءم بين تراثنا القديم وبين الحضارة الغربية حتى نكون قادرين على العيش في عصرنا الراهن ؟
تلكم هي الأسئلة المحرجة والتي تحدد ضرورة ضبط المناهج وتحديدها وبالتالي مساءلة المدرسة المغربية عن أدوارها المفروض أن تضطلع بها.

المدرسة والمحيط ، النظام التربوي والنظام الاجتماعي : أية علاقة؟

في تحديد المفاهيم
v   مفهوم التنشئة الاجتماعية:
كسائر المفاهيم التربوية، يصعب إعطاء تعريف محدد وموحد بين الباحثين حول هذا المفهوم لاختلاف المدارس التي تتناوله بين السوسيولوجيا والسيكوسوسيولوجيا لكن سنحاول أن ننطلق من التعريف التالي:
....
هي السيرورة التي يتعلم من خلالها الفرد كيف يربط طيلة حياته بين مجموع العناصر السوسيوثقافية للوسط الذي يعيش فيه، وكيف يدمج بالتالي تلك العناصر في بنية شخصيته، وكل ذلك بتأثير من تجاربه وبتأثير من العوامل الاجتماعية الدالة، بحيث يستطيع التكيف من خلال ذلك مع الوسط الذي يعيش فيه

مفهوم الهوية يتسم بالغموض والتعقيد فمجموعة من الأعمال ذات الاتجاه السوسيولوجي ركزت على الهوية الثقافية والهوية الوطنية بصفتهما أداتين أيديولوجيتين بين يدي الدولة الوطنية تستعمل عند فشل سياق أي مسار تنموي ذي صبغة اقتصادية٠ لكن بالنظر الى المقاربة السيكوسوسيولوجية التي تجعل الانسان حلقة تفاعلية واعية لا مجرد وحدة بيولوجية مادية فإن الهوية هي حصيلة لمجموعة أنساق العلاقات والدلالات التي يستقي منها الفرد معنى لقيمته ويضع لنفسه في ضوءها نظاما يشكل في إطاره هويته، بحيث تتوفر له من جراء ذلك إمكانية تحديد ذاته داخل الوسط السوسيوثقافي باعتباره نظاما مرجعيا على مستوى السلوك المعرفي

المدرسة والتلميذ وسؤال العلاقة ؟ 

قبل أن نتطرق لمجمل العلاقة بين المدرس والتلميذ خاصة في العالم القروي لابد أن نوضح مجموعة من النقاط لأهميتها
·       المجتمع القروي ليس مجتمعا متخلفا كما يعتقد البعض بل يتكون من مجموعة قيم وتصورات تعبر عن الحالة الثقافية والاقتصادية التي يعيشها الإنسان القروي، بل وقد تبرز في إطار الصراع الثقافي بين ما هو حضري وقروي
·       نظرة الآباء عموما الى المدرسة يغلب عليها كونها أداة للترقي الاجتماعي واستثمار مربح للأبناء، وبالتالي فمؤسسة الأسرة هي المرجع والأساس في تربية النشء نظرا لحمولتها العاطفية والنفسية٠ إن الأسرة القروية حسب هذا المنطلق لا ترى أن توجيه الطفل الى المدرسة بهدف تربيته وتكوينه، بل تعتبره قد حصل فعلا على درجة كافية من التربية والأخلاق من خلال الأسرة٠
·       في بحث أنجزه الدكتور مصطفى حدية في قرية معينة ، وجد أنه إذا كان معدل الأطفال في كل بيت قروي هو8 فإن نصيب التمدرس ينحصر في اثنين منهم فقط ، الشيء الذي يعني أن قرار التسجيل في المدرسة كان عن سبق اختيار من الأبويين حين لا يتسنى للابن مسؤولية تحقيق المشروع العائلي ٠ وبالتالي فتسجيل الأبناء في المدرسة لدى غالبية القرويين يعتبر تضحية ضخمة لأنه يحتاج من يعينه على قساوة الحياة وصعوباتها .
·        والظاهر أن هناك قطيعة تامة ، في هذه الأوساط، على المستوى الاجتماعي بين التلاميذ والمعلمين وهي قطيعة متولدة عن الأحكام المسبقة وأحكام القيمة التي لا تخفى خطورتها وتأثيرها السيء ، نفس القطيعة نجدها في علاقة المدرس بالآباء وبالوسط الذي يشتغل فيه

مقترحات وبدائل: 

إن وضعية الانغلاق التي تشهدها المدرسة تجعلها بعيدة كل البعد عن الدور التأهيلي الذي من المفروض القيام به وبالتالي قد ينتج عن هذا الوضع أن تستفحل فكرة ( أن لا فائدة من المدرسة)
من هنا وجب تحسين الأوضاع المادية للمدرسين حتى يقوموا بواجباتهم أحسن قيام وتوفير مناهج مرنة تمكن المدرس من الخلق والإبداع في الحدود التي تجعل منه متواصلا أكثر مع المحيط والتلاميذ
·       إعادة النظر في التصورات التي تحملها على التلاميذ ، وتجديد منابع المعلومات في المجال التربوي الذي يعرف ثورات في كل علم من علوم التربية
·       الاهتمام بالأنشطة الموازية أو المندمجة كمضادات للبؤس المدرسي تجعل من المدرسة منتجة قادرة على التفاعل 
·       التفكير في الوسائل يأتي بوجود إرادة لدى المدرسين العاملين بشكل مباشر ( في خط التماس مع الواقع )
إن أي إصلاح لا يهتم بظروف رجل التعليم المادية ولا يقوم بإشراكه في صياغة التصورات والبدائل ( يعتمد على الإملاء) لا ينتظر منه الخير لأنه يقوم بإقصاء أهم عنصر من عناصر العملية التعليمية ألا وهو المدرس٠

خلاصة تركيبية 

على المدرس أن يكون مهموما بتغيير أوضاع مجتمعه متمكنا من أدوات عمله، متفاعلا مع الأحداث السياسية والاقتصادية للنظام الاجتماعي حتى يدفع بالتصورات التي يراها مؤهلة لتحقيق النمو والازدهار لهذا البلد الطيب الى الأمام ، وليعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أحب العيال الى الله أنفعهم لعياله حديث شريف ٠

سيدي يعقوب مارس 2001


لا إِله إلا انت سبحانك ربى اني كنت من الظالمين - حسبى الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم - رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا ومحمد عليه افضل الصلاة والسلام نبيا - لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم - يارب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك - اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد عليه افضل الصلاة والسلام - سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر - حسبنا الله ونعم الوكيل - استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم