السبت، 14 مايو 2011

مخطوط دمنات بين التنقل والاندثار





تبلور الوعي بأهمية مدينة دمنات التاريخية لدى جيل
 من أبناء البلدة ، وعلى الأخص الجيل الذي أنتمي إليه من خلال ما يلي:
1     الشواهد الحية التي تترآى أمام ناظرينا من أسوار وقصبة وفنادق وأسواق ودور دباغة.
الحكايات والروايات الشفهية للعديد من النوازل التاريخية ، والتي تلقيناها عن ذواتنا ومحيطنا ،أثناء مجالستنا للأجداد والآباء، ومن سبقنا من المتأخرين.
قراءاتنا المتقطعة والسطحية وغير المتخصصة، لمؤلف السيد أحمد التوفيق " المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر إنولتان 1850/1912".
رؤيتنا لمجموعة من الصناديق الزجاجية متنقلة من هنا إلى هناك ، في المناسبات والمهرجانات. في ملكية الحاج محمد الفتاوي ،وتضم أنفس المخطوطات التي جمعها هذا المحب للمخطوط، وكان حريصا عليها حرص الأم بولدها . بحيث كانت لرمزية رؤية الصناديق، رغم جهلنا بمضمون ما تحتويه. دلالة فائقة فهي شهادة إثبات على ما قيل لنا ويقال في حق هذه المدينة المنسية.
فما مآل إذن مخطوطات مدينة دمنات، وخزانات الكتب بها؟

في تعريف المخطوط:

اشتقت كلمة مخطوطة من الفعل خط يخط أي كتب أو صور اللفظ بحروف هجائية .
والمخطوط في الاصطلاح :هو النسخة الأصلية التي كتبها المؤلف بخط يده باللغة العربية أو سمح بكتابتها أو أقرها أو ما نسخه الوراقون بعد ذلك في نسخ أخرى منقولة عن الأصل أو عن نسخ أخرى غير الأصل.
وفي هذا المعنى فكل نسخة منقولة بخط اليد عن أي مخطوطة تعتبر مخطوطة مثلها، حتى لو تم النقل أو النسخ بعد عصر النسخة الأصلية .
ارتبط المخطوط بشكل كبير في المغرب بالزوايا الصوفية وبالمساجد العتيقة، وإذا سلمنا بتواجد المخطوط بكثرة في حاضرة دمنات في فترة من الفترات ، لزمنا أيضا أن نقر بتطور في الحياة الثقافية والفكرية شهدته المدينة، فعرفت في علوم:
 التصوف والرقائق، والأقضية والفتاوى ، والتاريخ وعلوم القرآن...الخ . ومما لاشك فيه أن من وراء هذا التطور نخبة من الزهاد والفقهاء المتصوفة نذكر منهم
 على سبيل الذكر لا الحصر :

إمام العارفين, سيدي أبو يعزى آل النور عبد الرحمن الهسكوري والمعروف عند العامة «بمولاي بوعزة»
الفقيه محمد الحجوجي الدمناتي
العلامة علي بن سليمان الدمناتي البوجمعاوي
الفقيه والعلامة محمد الكيكي
محمد ابن شيخ الجماعة ، قاضي دمنات أبي عبد الله محمد كرداس
الشاعر الناثر علي بن محمد بن عبد القادر الحسني العدلوني الدمناتي
الفقيه أبي الحسن علي الدمناتي

وفي المقابل شهدت المدينة جملة من الوقائع التاريخية، اتسمت بالاضطراب والفتن خصوصا عقب وفاة المولى الحسن الأول. مما اضطر بسببه مجموعة من الأسر العريقة إلى التنقل إلى حواضر كل من مراكش وفاس ومكناس وسلا، فحملت معها الكثير مما لديها من نفائس وكتب.
ولا شك أن بالصعوبة بمكان تتبع الخيوط الناظمة الموصلة لجميع مخطوطات دمنات. خصوصا من غير متخصص مثلي في هكذا أمور. إلى أننا وبالاستناد إلى ما توفر لدينا من بيانات نؤكد الآتي :
أغلب مخطوطات أعلام المنطقة تتواجد بالزوايا القريبة والبعيدة ، كما حدث لمخطوطات العلامة علي بن سليمان الدمناتي البوجمعاوي الموجود بعضها بخزانة تمكروت، مثال مخطوط « شرح علی الرسالة القيروانية » المسجل تحت عدد 3169. وبعضها بخزانة ابن يوسف كما هو الشأن لمخطوط « مواهب المالك في شرح ألفية ابن مالك » . كذا الشأن لمخطوطات الشيخ أبي يعزى الهسكوري.

وغني عن البيان أن المخطوط  يتواجد بكثرة بالخزانات الخاصة لدى بعض العائلات، في إطار ما يسمى ب"مكتبة الدار". فقد ذكر الدكتـور عـبد الله المــرابـط التـرغـي في مؤلفه :حركة كتابة الرحلة واتجاهاتها في المغرب على عهد العلويين، باحثا عن مخطوطة: الرحلة الصغرى لمحمد عبد السلام بناني انه بالاستناد إلى محمد الفاسي فإنها توجد في مكتبة خاصة بدمنات.

كما عرفت مجموعة من المخطوطات طريقها إلى ورثة صاحبها ، فكانت محل تبعثر وضياع حال جهل الأبناء بقيمتها العلمية والتاريخية ، وعنها كنا نسمع ببيوعات لمخطوطات بأبخس الأثمان للعابرين وزوار المدينة. ومنها من كان محل صيانة وبعد نظر حال الخزانة الحجوجية للفقيه محمد الحجوجي ، والتي انقسمت بحسب الباحث نوَّاف بن محمد العبدالله الرشيد إلى قسمين :
 القسمُ الأوَّل :  وفيه مصنفاته ، نقلها ابنه مَحمد بن محمد الحجوجي إلى مَسْكنه بمدينة الجديدة ، حيث ظل محافظاً على مكتبة والده منذ أكثر من ستين سنة، وهي لديه إلى اليوم.
والقسم الثاني : من غير مصنفاته انتقلت إلى الدار البيضاء ، وهي في منزل حفيده الأستاذ مُحمد بن مَحمد الحجوجي ، وفيها مُجلدٍ ضخم كَتَبَ فيه والده فهرساً للكتب التي في خزانته .
أما بالنسبة للمخطوطات التي جمعها المرحوم الحاج محمد الفتاوي وحرص عليها والتي فيها أزيد من 300 مخطوط لكبار العلماء والفقهاء،وتغطي فنونا وعلوما مختلفة منها النحو والفقه والسيرة والرحلة والتصوف والحديث والطب والجغرافيا. فقد اختار الرجل قبل وفاته بحسب بعض المصادر، أن يحبسها في خزانة جامعة بن يوسف بمراكش، لتعم الفائدة ويجعله الله تبارك وتعالى في مقام الذين تركوا العلم الذي ينتفع به.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لا إِله إلا انت سبحانك ربى اني كنت من الظالمين - حسبى الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم - رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا ومحمد عليه افضل الصلاة والسلام نبيا - لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم - يارب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك - اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد عليه افضل الصلاة والسلام - سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر - حسبنا الله ونعم الوكيل - استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم