السبت، 3 يونيو 2017

معضلات بناء النقاش العمومي بالمغرب، المادة 8 مكرر من قانون المالية 2017 نموذجا

معضلات بناء النقاش العمومي بالمغرب
المادة 8 مكرر من قانون المالية 2017 نموذجا

مدخل :

تثار بين الفينة والأخرى في الفضاءات الإعلامية الوطنية مجموعة من النقاشات السياسية والقانونية، بعضها يصل إلى حد التراشق الإعلامي بين أطراف سياسية مختلفة، وبعضها يتخذ شكلا أكاديميا يؤثث السجال العلمي والفكري. وإذا كان النقاش العمومي على العموم مسألة صحية تبرز قدرات المجتمعات الحية على صياغة أجوبتها بنفسها للإشكاليات القانونية والمجتمعية التي تتخبط فيها، بحيث يتفاعل في هذا النقاش سياسيوها ومفكروها مع مختلف القضايا والإشكاليات المطروحة، يتناولونها بالدراسة والتحليل وبالتنوير للرأي العام الوطني وبإنتاج المعرفة ، الشيء الذي يسمح لهذا النقاش لبسط الآراء المعروضة المتباينة في قالب بنائي يفيد تطوير المجتمعات، ويؤدي إلى الرقي بأدب الحوار بين أبنائها من الفاعليين السياسيين والاجتماعيين، كيفما اختلفت رؤاهم وتوجهاتهم الأيديولوجية، فإنها بالمغرب تأخذ أشكالا مختلفة.
فكيف يتم تناول قضايا الشأن العام إعلاميا بالمغرب ؟ وهل نحن فعلا أمام أطروحات فكرية متباينة تغني النقاش بالمزيد من الأفكار والأفكار المضادة، التي من شأنها تطوير نموذجي للفكر السياسي والقانوني المغربي؟ أم أننا أمام تصادم الإرادات وغلبة للمصالح فقط، تبرز بين الحين والآخر في جبة الأطروحات الفكرية والحضور الإعلامي من أجل تسجيل المواقف؟
من هذا المنطلق سنعرض من خلال هذه الورقة لنموذج من هذه الطروحات والسجالات المتعددة المداخل من خلال التناول بالدرس والتحليل للأسباب التي تحول دون الذهاب بعيدا في نقاشاتنا العمومية نحو إرساء ثقافة التبادل والإصغاء، وتلك التي تعرقل الحوار الفكري في أبسط تجلياته.


 المبحث الأول : النقاش العمومي بين السجال السياسي وتطوير القواعد الفقهية

مثل النقاش حول المادة 8 مكرر من قانون المالية رقم 73.16 للسنة المالية 2017 نموذجا لهذا النوع من السجالات التي يتداخل فيها السياسي بالفقه القانوني والتشريعي بالقضائي، وتعلو فيه الأصوات هنا وهناك مؤثرة بشكل قوي على الحقيقة وقولها، وعلى الانزياح إلى مبادئ العدل والإنصاف وترسيخ دولة القانون.
فالمادة في منطوقها حاولت من جهة تنظيم الإجراءات المسطرية من أجل تنفيذ كل قرار قضائي اكتسب قوة الشيء المقضي به، وألزم الدولة أو الجماعات الترابية بأداء تعويض مادي، حيث نصت على صرفه داخل أجل ستين يوما ابتداء من تاريخ تبليغ القرار القضائي، في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية. وفي حالة ما إذا تبين أن هذه الاعتمادات غير كافية، يتم تنفيذ الحكم القضائي في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزانية، على أن يقوم الآمر بالصرف باتخاذ كل التدابير الضرورية لتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانية السنوات اللاحقة. ومن جهة أخرى فإن هذه المادة نصت كذلك على منع الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية.
وقبل أن نعرج على سرد مختلف المواقف والأحداث التي تلت مصادقة مجلس النواب على منطوق هذه المادة، نرى من الفائدة استعراض بعض الإشارات والسياقات التي ربما كانت وراء هذه البادرة التشريعية وبهذا الشكل.

المطلب الأول: الإرهاصات المحتملة وراء اعتماد المادة 8 مكرر من قانون المالية لسنة 2017

تعاني المنظومة القضائية المغربية ولاسيما القضاء الإداري من إشكالية أسالت الكثير من المداد، وطرحت بشأنها العديد من التساؤلات حول جدية مسار التحديث والديمقراطية التي انتهجته بلادنا، ويتعلق الأمر بإشكالية تنفيذ الأحكام القضائية في مواجهة الإدارة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية. فبالرغم من دسترة أمر تنفيذ هذه الأحكام من خلال المادة 126 من دستور المملكة ل 2011 ، حيث جاء في منطوقها" الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع، إضافة إلى أنه يجب على السلطات العمومية تقديم المساعدة اللازمة أثناء المحاكمة إذا صدر الأمر إليها بذلك، كما وجب عليها المساعدة على تنفيذ الأحكام"، فلا تزال أحكام المملكة الشريفة تتعرض للتحقير وعدم التنفيذ ممن أوكل إليهم أمر تنفيذ القانون وتطبيقه فبالأحرى الدخول في منازعات قضائية وإدارية مع المرتفقين والامتناع عن أداء حقوقهم.
ومما يستغرب له في هذا المجال، وجود تعنت غير مفهوم يخالف أحكام الدستور كما يخالف التوجهات الملكية السامية في هذا الأمر، حيث جاء في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية العاشرة "....من غير المفهوم أن تسلب الإدارة للمواطن حقوقه وهي التي يجب أن تصونها وتدافع عنها، وكيف لمسؤول أن يعرقل حصوله عليها وقد صدر بشأنها حكم قضائي نهائي؟ كما أنه من غير المعقول، أن لا تقوم الإدارة حتى بتسديد ما بذمتها من ديون للمقاولات الصغرى والمتوسطة، بدل دعمها وتشجيعها، اعتبارا لدورها الهام في التنمية والتشغيل.كما أن المواطنين يشتكون أيضا من الشطط في استعمال السلطة والنفوذ على مستوى مختلف الإدارات، ومن تعقيد المساطر وطول آجال منح بعض الوثائق الإدارية، إذ لا يعقل أن يسافر المواطن لطلب وثيقة، و يقدم كل الوثائق الضرورية، وينتظر أياما و أحيانا أسابيع للحصول عليها."
إن الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة بعلة وجود صعوبات في التنفيذ أو لعسر الإدارة وعدم كفاية الاعتمادات المالية، يطرح أكثر من علامة استفهام سياسيا وحقوقيا وفقهيا أيضا، ولعل ما اتجهت إليه اجتهادات المحكمة الإدارية بالرباط مؤخرا، والذي يعد سابقة في هذا المضمار ( انظر الخبر في موقع هسبريس، الخميس 01 شتنبر 2016)[1]، من اللجوء إلى الحجز من راتب وزير بعد أن أثبتت المحكمة امتناع وزارته، بحكم أنه المسؤول الأول عن قراراتها، عن تنفيذ حكم قضائي نهائي يقضي بتعويض موظفين بوزارته، تلكأ عن  تنفيذه منذ 2012، حيث أشار الحكم إلى أن مبررات التأخر في التنفيذ التي ساقها الوزير، ضمن مذكرة جوابية تقدم بها الوكيل القضائي للمملكة، كشفت عن مزيد من التمادي في التماطل والتسويف".
إن الغرامة التهديدية والتي بلغت في هذا الحكم ألف درهم عن كل يوم تأخير ابتداء من تاريخ تبليغ الحكم القضائي تقتطع من راتب الوزير، تعد وسيلة لإرغام الإدارة ومن تم المسؤولين عنها للامتثال للقواعد الدستورية وللتوجهات الملكية في الموضوع.
كما أن نفس المحكمة الإدارية، قضت بحجز مبلغ 90 مليونا من ميزانية الوزارة لدى الخازن العام قيمة تعويضات حكمت بها لفائدة مقاولة أشرفت على إنجاز صفقة عمومية لبناء مؤسسات للوزارة، بعد أن رفض نفس الوزير تنفيذ حكم إداري بأداء مستحقاتها.
فهل نحن أمام نص تشريعي ( المادة _8 مكرر من قانون المالية) أنتج تحت الإكراه والضغط الذي مارسته السلطة القضائية في هذه النازلة وغيرها من الملفات التي تعج بها محاكم المملكة، والرامية إلى إعمال القانون وتنفيذ الأحكام والقرارات القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة ؟ وهل هي ردة فعل حكومية إزاء التطورات التي يمكن أن تنتج عن مثل هذه الأحكام من الحد من جبروت الإدارة وشططها في استعمال السلطة؟

المطلب الثاني: مبررات اللجوء إلى التنصيص في المادة 8 على منع الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية

في خضم هذا النقاش ترى الأطراف الحكومية ، وعكس ما يتم الترويج له إعلاميا، أنها حاولت من خلال هذه المادة، إرساء قواعد جديدة في التعامل مع تنفيذ الأحكام القضائية النهائية  في مواجهة الإدارة، والتي تقتضي بأداء مبالغ مالية من خزينة الدولة. هذه الإجراءات الجديدة تجلت فيما يلي:
v  التنصيص في قانون المالية على ضرورة تنفيذ كل قرار أو حكم قضائي اكتسب قوة الشيء المقضي به، ويلزم الدولة أو الجماعات الترابية بأداء التعويض المادي؛
v  إلزام الآمرين بالصرف بالإدارات العمومية والجماعات الترابية بكيفية وآجال تنفيذ الأحكام وصرفها؛
v    ملائمة تنفيذ هذه الأحكام مع قواعد المالية والمحاسبة العمومية؛
v  الحرص على ضمان استمرارية المرفق العمومي، من خلال التنصيص على منع الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية، بغية التصدي لكل أثر قد ينجم عن هذا الحجز ويؤثر في البرمجة الميزانياتية للإدارات والمؤسسات العمومية وبالتالي يعرقل أداء وجودة الخدمة العمومية .
كما تعتبر هذه الأطراف[2]، أن القانون التنظيمي الجديد للمالية قدم الشيء الكثير خدمة لهذه الإشكالية، من خلال تخصيصه بابا خاصا بالنفقات المتعلقة بتنفيذ القرارات والأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة. نفس الشيء مع القوانين التنظيمية الجديدة للجماعات الترابية التي جعلت القرارات والأحكام القضائية الصادرة ضدها نفقات إجبارية ينبغي تسجيلها في الميزانية وجوبا، ورتبت عن عدم التسجيل بالميزانية قرارا برفض التأشير عليها.
واعتبر صاحب المقالة مسألة الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية مخالفة للقواعد الدستورية المنظمة لمالية ومحاسبة الدولة والجماعات الترابية، كما حاول بسط أهمية تنصيص هذا المقترح التشريعي في قانون المالية لانسجامه " على حد قوله"  مع المادة 6 من القانون التنظيمي رقم 130 .13 لقانون المالية الذي ينص على أنه (لا يمكن أن تتضمن قوانين المالية إلا أحكاما تتعلق بالموارد والتكاليف أو تهدف إلى تحسين الشروط المتعلقة بتحصيل المداخيل وبمراقبة استعمال الأموال العمومية).
يمكن تلخيص المنحى الذي حاول المدافعون عن إقرار هذه المادة في اعتبارين:
الاعتبار الأول : الدفاع عن مبدأ استمرارية المرفق العام من خلال رفض كل ما من شأنه التأثير في برامجه وميزانيته ولو تعلق الأمر بتنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة ضد الدولة أو من ينوب عنها، فضمان استمرارية المرفق العام تعتبر مسألة ذات خطورة بالغة ولا يمكن السماح بتوقيف أو عرقلة عمل الإدارات والمرافق العمومية لأي سبب من الأسباب، و ذلك انسجاما مع منطوق المادة 154 من الدستور" يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والانصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات. تخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور.
الاعتبار الثاني: الاحتجاج بالأنظمة المقارنة وعلى وجه التحديد بالتجربة الفرنسية في هذا المجال، والتي تعتبر ممتلكات الدولة لا يمكن الحجز عليها وتمنع اللجوء إلى طرق التنفيذ المعمول بها في المسطرة المدنية من أجل تنفيذ الأحكام. ومبرر هذا المنع أن الأموال العمومية أموال المجتمع بأكمله وليست أموال المؤسسات أو الجماعات المعنية، ولا يحق توجيهها لغير الأهداف التي من أجلها تم استخلاصها من المواطنين[3].

المطلب الثالث : أوجه الاعتراض على منطوق المادة 8 مكرر من قانون المالية

اتخذ الاعتراض على ما جاء به قانون المالية لسنة 2017 و خصوصا مادته الثامنة مكرر عدة أوجه، حيث احتدم السجال ليصل إلى اطلاق مجموعة من الفاعلين لحملة "هاشتاج" على مواقع التواصل الاجتماعي فايسبوك وتويتر، ترفض المادة وتدعو الى التعبئة ضدها تحت عنوان " المادة 8 مكرر لن تمر"، كما أصدر المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب بيانا اعتبر فيه أن ما تضمنته مقتضيات المادة الثامنة مكرر من مشروع قانون المالية رقم 73.16 لسنة 2017 من منع لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الدولة و الجماعات الترابية عن طريق الحجز، يشكل مسا واضحا بمبدأ فصل السلط المنصوص عليه دستوريا، و تراجعا حقيقيا عن إرساء دولة القانون. وهي آلية خطيرة، كما جاء في البيان، لإفراغ الأحكام و المقررات القضائية الصادرة في مواجهة الدولة و الجماعات الترابية من محتواها و إلزاميتها.
أمام هذا الزخم الإعلامي برزت عدة أقلام [4] تطرقت بالدرس والتحليل لعيوب هذه المادة وتأثيرها السلبي على تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة في مواجهة الإدارة، حيث يمكن إبراز أهم ملاحظاتها فيما يلي:
v  تتناقض أحكام المادة 8 مكرر مع المقتضيات الدستورية خاصة المادة 126 من دستور المملكة، مما يستلزم معه الطعن في دستورية التعديل أمام المحكمة الدستورية في حال إقراره بشكل نهائي؛
v    تفتح الباب أما إدارات الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية لتحقير الأحكام القضائية؛
v    تهدد بضياع حقوق المستثمرين من خلال فقدان الثقة بينهم وبين مؤسسات الدولة؛
v  المادة ستحرم مئات الآلاف من المواطنين حالاً ومستقبلاً من استرجاع جزء من حقوقهم المسلوبة جوراً من طرف الدولة والجماعات الترابية، كما أن إقرارها بشكل نهائي سيكون إعلاناً عن تعطيل المغرب للمبدأ الكوني للعدالة: (كل فعل بشري ألحق ضرراً بالغير، يلزِم مرتكب هذا الخطأ بجبر الضرر الذي تسبب فيه)، وستلغى إلزامية جبر الضرر من طرف المتسبب فيه، وستصبح اختيارية له يقوم بها متى شاء إن رأى ذلك مناسباً له.
إن الرأي المخالف للتوجه الحكومي الذي صادق على هذه المادة يرى عكس ما يراه المؤيدون مدعمين موقفهم بالحجج التالية:
v  الأحكام القضائية ضد الدولة والجماعات الترابية بتعويض للمواطنين هي من صميم المصلحة العامة على اعتبار أن الضرر الناتج عنها جاء إثر شطط في استعمال السلطة تجاه المواطنين وأملاكهم، أو نتيجة تبخيس قيمة أملاكهم؛
v  لا دليل على أن تنفيذ هذه الأحكام القضائية عن طريق الحجز على بضع من أموال وأملاك الدولة والجماعات الترابية، سيتسبب في انقطاع مؤقت لخدمات أساسية عن المواطنين؛
v  لا يمكن الاحتجاج بالقواعد الفنية الخاصة بالمالية العامة والمحاسبة العمومية في مواجهة تنفيذ الأحكام القضائية من طرف الدولة والجماعات الترابية، لأن هذه القواعد الفنية ملزمة للدولة ومؤسساتها ووزرائها وموظفيها وللجماعات الترابية ومسؤوليها وموظفيها فقط.

المبحث الثاني: المحددات المنطقية المؤطرة للنقاش العمومي للمادة 8  مكرر من قانون المالية

في سعينا إلى فهم طبيعة السجال الدائر حول المادة 8 مكرر من قانون المالية، حاولنا النظر إلى طبيعة المخاطبين (بكسر الطاء) والمخاطبين بالنقاش، والذي لا يعدو، بالرغم من أهميته وتأثيره على الحياة القضائية للمملكة، أن يكون ترفا فكريا محصورا في صالونات المفكرين وفي مطابخ السياسة.
فإذا كان الهاجس الأساسي لدى الفريق الأغلبي في الحكومة من إقرار منع الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات المحلية هو ضمان استمرار المرفق العمومي، وهي حجة منطقية إلى حد ما، أوحت بها المواقع التي أصبح يحتلها هذا الحزب، خصوصا بعد رئاسته للعديد من عموديات المدن والجماعات الحضرية، حيث أن إقرار هذا المنع في القانون المالي يعبر عن تخوف من عرقلة البرامج الإنمائية التي يفترض أن هذه الجهات تتبناها وتسعى إلى أجرأتها على أرض الواقع، وهاجس الخوف من الوقوف على تصحيح أخطاء التسيير السابق لهذه المجالس في شقيها المتعلق بالتقاضي مع الغير وبأداء الديون المتراكمة.
 بالإضافة إلى أن هذا الفريق، ومن خلال الرأي الذي عبر عنه رئيسه في البرلمان، أسس دفوعاته انطلاقا من الزاوية التقنوقراطية، المنسجمة مع تخصصه كإطار سابق في وزارة المالية، الشيء الذي جعله يطرح موضوعا سياسيا بامتياز، بمقاربة تقنية وهي البحث عن الانسجام في تنفيذ الأحكام القضائية مع قواعد المحاسبة والمالية العمومية، وهي رؤية تحكمت كثيرا فيما قدمه من دفوعات وتبريرات للموقف من هذه المادة.
وفي المقابل جاء الاعتراض على إقرار هذه المادة بصيغة الدفاع عن الحق العام وعن دستور المملكة، وهو اعتراض منطقي أيضا من خلال المواقع التي يحتلها المعترضون، فمن جهة يرى نادي قضاة المغرب أن الأمر يتعلق بمسعى للحد من قدرات السلطة القضائية في الاجتهاد وفي جبر الدولة والجماعات الترابية على تنفيذ الأحكام الصدارة ضدها، هذا الاجتهاد القضائي والذي هو من صلب عمل المحاكم الإدارية لممارسة اختصاصاتها في مراقبة القرارات الإدارية، وفي مواجهة الشطط في استعمال السلطة، مكنها أثناء التعامل مع هذه الإشكالية من  إقرار الغرامات التهديدية والحكم بالحجز على أموال وممتلكات الدولة على غرار المعمول به في القانون المدني.
 ومن جهة أخرى فالنقاش من وجهة نظر هؤلاء سياسي وليس تقني على اعتبار الأخطاء الكثيرة للإدارة المغربية وحاجتها للإصلاح، بحيث أنها في وضعية ليست فقط غير قادرة على الاستجابة لحاجات المواطنين وتقديم الخدمة العمومية إليهم، بل أضحت هي من يساهم في هضم حقوقهم، وتستفرد بالاعتداء المادي على حقوق الغير وإصدار قرارات إدارية تفتقد إلى المشروعية والملائمة وتتسم بالشطط في استعمال السلطة، الشيء الذي جعل الناس يلجؤون للقضاء في مواجهتها لنيل حقوقهم.
هذه الثقافة الجديدة في تعبيرات المجتمع المغربي في مواجهة تسلط الإدارة، أي اللجوء إلى الحق في التقاضي ضد قرارات الدولة والجماعات الترابية، يجب أن تدعم وتعزز بإقرار حقيقي لمعنى تنفيذ القانون وعدم احتقار الأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة أو من ينوب عنها، من خلال إعمال قواعد جديدة تكرس التنفيذ وتصل إلى حد الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات المحلية.

المطلب الأول : منزلقات النقاش وأثره على عدم تجويد القواعد القانونية

بالرغم من المداخل المتعددة للموضوع، وهي مداخل نحصرها في شقها السياسي والدستوري والقانوني، فإن النقاش في هذه المسألة اتخذ أبعاد فرجوية وصلت حد التنابز بالجهل وتوظيف لغة استعلائية على أخرى، الأمر الذي يجعل المتتبع أمام تعديل للقانون خاضع لصراع الإرادات ولسلطة الغلبة، وكلها أمور تؤثر سلبا على صلب الموضوع وعلى التناول السليم لإشكالية تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة في مواجهة الدولة والجماعات الترابية.
إن هذا المستوى من النقاش، والذي يوظف لغة سوقية وتحريضية هي تعبير عن انحدار في طريقة التعبير عن الرأي السياسي والقانوني والفقهي، بحيث أن مقالات الرأي والرأي المضاد هاته لم تبسط رأيها للاحتكام لقواعد الممارسة الحوارية والديمقراطية، في موضوع ذي حساسية عالية، بقدر ما كانت تريد أن تسجل النقاط سياسيا كل من موقعه. متعمدة التناول السطحي للموضوع وتاركة عمق الإشكالية دون معالجة حقيقية تذكر.
إن تكرار هذه الحوارات والسجالات في أكثر من موضوع وأكثر من مناسبة، يجعلها في نظرنا ترتقي إلى مستوى الظاهرة المعيقة لتطور الفكر السياسي والقانوني بالمغرب، فهل نحن أمام مجتمع عجز مثقفوه بالارتقاء بأسلوب خطابهم وتناولهم لقضاياه؟ هل نحن أمام نخب فكرية تبادر من منطلقات المواقع والمراكز ولا تعير اهتماما للبحث عن التراكم المعرفي والثراء الفكري؟ وجدير بالملاحظة أن بعض الأقلام وبعض الأصوات الإذاعية والوجوه الإعلامية تتجرأ على تناول العديد من النقاشات بالرغم من تشعب موضوعاتها وتعقد مسائلها، غير آبهة لخصوصية الموضوع وتخصص مدركاته ولا لتعمق أغواره.

المطلب الثاني: في آليات إنتاج النص القانوني وتسويقه

يبدو من خلال النقاش الدائر حول المادة 8 مكرر من قانون المالية أننا إزاء معضلة حقيقية في فهم وإنتاج النص القانوني وتبنيه وتسويقه، ومرد ذلك إلى جرأة الفاعل الحكومي ونواب الأمة على صياغة النصوص القانونية دون الاستناد إلى مرجعيات نظرية وبحثية في الموضوع، ودون توفر مكاتبهم على مستشارين قانونيين يقابلون النص المقترح مع باقي النصوص التشريعية والقانونية الأخرى المؤطرة لنفس الموضوع.  وأكاد أجزم أن المتحكم في مثل هذه المبادرات هي مجموعة من ردود الفعل هنا أو هناك دون التقيد بالمنهج العلمي أثناء وبعد إنتاج النص القانوني.
فإقرار أي تشريع في العالم يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الإجابة عن الأسئلة المتشعبة التي يريد الإجابة عنها، هذه العملية تستلزم إحاطة شاملة بعناصر الموضوع من خلال توسيع دائرة الاستشارة والإنصات لذوي التخصص من أساتذة القانون الإداري وجامعيين وقضاة ومحاميين.
ثم إن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد إصدار نص تشريعي وينتهي الأمر، بل لا بد من التفكير في القيام بدراسة الأثر بعد أن تم إعمال النص التشريعي، وذلك لمعرفة ما إذا كان فعلا استجاب للغاية من إصداره أم لا. كما أنه لابد من تسويق النص التشريعي المراد اعتماده وتقديم المبررات المنطقية للإعلام العمومي حتي يستساغ ويتم قبوله من طرف المجتمع، لأن إغفاله بهذا الشكل لا يمكن إلا أن يولد لديه المقاومة كيفما كانت فلسفة هذا المشروع ومراميه.
لاحظنا في النقاش الدائر حول المادة 8 مكرر من قانون المالية أنه لم تقدم فيه إحصائيات حول حجم المبالغ المحكوم فيها ضد الدولة والجماعات الترابية، والتي هي من صلب الإشكالية ومن عمقها، ولا سردا لأنواع القضايا التي تخسرها الدولة والجماعات الترابية في مواجهة المرتفقين، ورغم ذلك يتم الحجاج بالقانون ضدا أو مع. كما أن هذا السجال تناول قضية تأثير إقرار الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية على السير العادي للمرافق العمومية وعلى أدائها الوظيفي والمهني، دون تقديم مبرر منطقي ودون الاستناد إلى دراسات اجتماعية أو إدارية في الموضوع، وكأننا نتخيل شيئا ثم ننتج لمخاوفنا نصوصا تغنينا عن السؤال عن واقعيته وإمكان حدوثه في الزمان والمكان.
إن في هذا الأمر تغييبا للمعرفة الدستورية والسياسية، التي يفترض أن تؤطر هذا النوع من النقاشات وتأتي بالتراكم الفقهي المطلوب والذي من شأنه مساعدة النظام القانوني المغربي على تطوير أدائه وحسن استجابته لتطلعات المواطنين. وأي تسرع في إنتاج النص القانوني لن يأتي إلا بالعطب وبالمزيد من فتح إشكاليات أخرى بدل معالجة أصل الداء، ولنا في المادة 8 مكرر من قانون المالية المثال، حيث فتحت الباب على مصرعيه لثلاث مستويات وإشكاليات هي كالتالي:
على المستوى السياسي:
صدور أحكام قضائية نهائية بالحجز على أموال الإدارات العمومية والجماعات الترابية التي يسيرها حزب العدالة والتنمية جعلت هذا الأخير يدافع عن أطروحة المنع، محاولة منه لإخراج البرامج الانتخابية الى الوجود لأن حالة تراكم الديون على هذه الجماعات بالإضافة إلى حجم المبالغ التي عليها أن تؤديها لذوي الحقوق جراء الأحكام القضائية من شأنها عرقلة تنفيذ هذه البرامج الإنمائية وبالتالي عدم الوفاء بالمشاريع التي تعهدت بها أمام الناخبين. كما يشكل هذا النص اختبارا حول رغبة الحكومة من عدمها في الإصلاح الإداري وترسيخ دولة الحق والقانون وقدرتها على تحويل الخسائر الفادحة التي تتعرض لها إداراتها أمام المحاكم الإدارية، إلى لحظة مسائلة لمسؤولي هذه الإدارات ومحاسبتهم على خرق القانون وخلق المشاكل والنزاعات مع المرتفقين، فمتى يتم تنزيل المبدأ الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة؟
على المستوى الدستوري:
هناك من يرى أن المادة 8 مكرر تحاول أن تحد من قدرات القاضي الإداري على الاجتهاد وعلى البحث عن كل ما من شأنه جبر الإدارات العمومية والجماعات المحلية على تنفيذ القرارات والأحكام القضائية النهائية، وبالتالي فقد تم المس بمبدأ فصل السلط وباستقلالية السلطة القضائية، خاصة وأن الأمر يتعلق بتنفيذ هذه الأحكام. وعليه فإن الأمر عند هؤلاء يستدعي الطعن فيه لعدم دستوريته لدى المحكمة الدستورية. 
 المستوى القانوني:
طرحت المادة كذلك أمورا يرى البعض أنها ليست من اختصاص القانون المالي ولا علاقة لها به، خاصة الفقرة المتعلقة بالمنع على اعتبار أن إقرار منع الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية لا تنسجم مع غاية المشرع من إقرار القانون المالي والتي هي حسب المادة 6 من القانون التنظيمي 130.13 " لا يمكن أن تتضمن قوانين المالية إلا أحكاما تتعلق بالموارد والتكاليف أو تهدف إلى تحسين الشروط المتعلقة بتحصيل المداخيل وبمراقبة استعمال الأموال العمومية"، الشيء الذي يجعل تضمين هذه المادة في القانون المالي ضرب من التداخل بين الاختصاصات والمدونات القانونية المعمول بها.
بالإضافة إلى أن إقرار هذه المادة يتعارض مع الظهير الشريف رقم 1.91.225 الصادر في 22 ربيع الأول 1414 ( 10 دجنبر 1993) بتنفيذ القانون رقم 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية والذي يجيز لها تطبيق القواعد المقررة في المسطرة المدنية كلما رأت حاجتها إلى ذلك، إلا إذا اعتبر ما جاء في المادة 8 مكرر من القانون المالي هو جزء من التنصيص على ما يراه خلاف ذلك، بمعنى عدم تطبيق القواعد المقررة في المسطرة المدنية أمام المحاكم الإدارية والتي تضمنت إمكانية حدوثها المادة 7 من هذا الظهير.

المطلب الثالث: مداخل لمعالجة إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة لغير فائدة الدولة أو من ينوب عنها

الحال أن عدم تنفيذ حكم قضائي حاز قوة الشيء المقضي به يعد جريمة لها أركانها وهما الركنين المادي المعنوي حيث نص المشرع على عقوبتها في القانون الجنائي بالباب الرابع منه الخاص بالجنايات والجنح التي يرتكبها الأفراد ضد النظام العام، وعليه فإن الاجتهاد القضائي عمل على إبداع الوسائل الجبرية الكفيلة بإرغام الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تنفيذ الأحكام الإدارية، سواء تعلق الأمر من خلال التنفيذ عن طريق الغرامة التهديدية  والتي يعرفها الفقهاء بعقوبة مالية تبعية تحدد بصفة عامة عن كل يوم تأخير، يصدرها القاضي بقصد ضمان حسن تنفيذ حكمه أو حتى بقصد ضمان حسن تنفيذ أي إجراء من إجراءات التحقيق[5]. أو من خلال التنفيذ عن طريق المقاصة و الحجز، ويقصد بالمقاصة عندما يتقابل شخصان كل منهما دائن
ومدين ويتوفران على الشروط القانونية من استحقاق دين وخلوه من المعيقات[6].
كما أنه وخلافا لمنطوق المادة 8 مكرر من قانون المالية فإن السند الذي يجعل المحاكم الإدارية تلجأ إلى الوسائل الجبرية من أجل تنفيذ أحكامها خاصة وسيلة الحجز هو ما جاء في المادة 7 من الظهير الشريف رقم 1.91.225 الصادر في 22 من ربيع الاول 1414 ( 10 دجنبر 1993) بتنفيذ القانون 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية والتي نصت على ما يلي: " تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص قانون على خلاف ذلك". ويوكل أمر تنفيذ هذه الأحكام إلى كتابة ضبط المحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم وفق المادة 49 من نفس الظهير.
لكل ما سبق، يتبين أن السجال الفقهي والإعلامي المذكور آنفا يخفي وراءه عناوين بحثية ومحض أكاديمية، من شأن المتخصصين في القانون الإداري وفي العلوم الإدارية إغناءها بالبحث والتنقيب وبالمعالجة للإشكاليات المطروحة في هذا المجال. ولن يتأتى ذلك إلى بنهج نفس تشاركي أثناء إعداد مثل هذه النصوص وتوسيع دائرة المشاركة لتشمل كافة المهنيين والحقوقيين والدارسين للعلوم القانونية. ولتحقيق هذه الغايات نقترح ما يلي:
v  عدم التسرع في إقرار هذه المادة المثيرة للجدل وخاصة الفقرة المتعلقة بمنع الحجز كإجراء جبري تتخذه المحاكم من أجل تنفيذ الأحكام الإدارية، إلى غاية نضج الشروط وتعميق النقاش الفقهي والإداري بشأنها، وابعاد الملف عن منطق المزايدات السياسية التي لا تخدم صلب الموضوع؛
v    التقيد أثناء إعداد وتصور النصوص التشريعية بدراسات سابقة منجزة في الموضوع؛
v  التفكير في تتبع التشريعات المنجزة والصادرة عن المؤسسة التشريعية بالقيام بدراسة الأثر البعدي للقوانين، حتى تتمكن من تقييم إنجاز وتنفيذ القوانين على المدى المتوسط والبعيد؛
v  معالجة إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية النهائية في شموليته من خلال الدعوة إلى ندوة وطنية في الموضوع متعددة المداخل والتخصصات، تضم باحثين مهتمين ومتخصصين؛
v    تجميع النصوص القانونية الخاصة بالمنازعات الإدارية في مدونة مستقلة؛
v  التنصيص صراحة على مسؤولية الموظف العمومي الشخصية عندما يثبت بقاطع تعنته أو امتناعه عن التنفيذ مدنيا وجنائيا وحتى تأديبيا[7]؛
v  تقييم الخسائر التي تتسبب فيها الإدارات العمومية والجماعات الترابية واحتسابها كمؤشر على سوء التدبير العمومي لهذه المؤسسات وعلى تردي الحكامة المالية لدى المشرفين عليها؛
v  اعتماد معايير الاستحقاق والكفاءة في تعيين المسؤولين على الإدارات العمومية، القادرين على تجويد العمل الإداري بعيدا عن الدخول في منازعات قضائية مع المواطنين والمرتفقين، مسؤولين لديهم حس المسؤولية والغيرة الوطنية على المال العام، ولديهم روح عالية من أجل خدمة المرتفقين وقضاء حاجاتهم الإدارية؛
v    تعيين قاض للإشراف على تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري؛

خاتمة:

لا سبيل للنهوض بالمعرفة القانونية والسياسية بالمغرب إلا بتوظيفها في الإعلام وفي السجال بين مختلف الأطراف السياسية والأكاديمية توظيفا لا يعتمد الأساليب التضليلية والخطاب الديماغوجي في التعاطي مع الملفات الأمنية والتنموية والاقتصادية للبلاد، فهذا الخطاب لا يمكنه إلا أن ينتج الردة والنكوص، وأن يقوض دعائم البناء الفكري والمعرفي والمؤسساتي.
إن إثارة هذا الموضوع من خلال ما دار في النقاش حول المادة 8 مكرر من قانون المالية لسنة 2017، يجعلنا ننبه إلى خطورة هذا الأمر وتأثيره السيء على الثقة في المعرفة وآفاقها، المعرفة التي تجعلها المجتمعات الحية من صلب اهتماماتها ومحورا رئيسا فاعلا في البرمجة والإبداع وفي النهوض بالأوضاع الاقتصادية والسياسية، لذا لا بد من ردم هذه الهوة الحاصلة بين المجتمع وبين مؤسسات إنتاج المعرفة من خلال الانفتاح على الجامعة والبحث العلمي قبل وأثناء وبعد إعداد التشريعات القانونية أو الخطط والبرامج الإنمائية.
فقد لاحظنا كيف أن السجال بشأن هذه المادة لم يكن موضوعيا محايدا، والموضوع نفسه لم يكن بسيطا في تناوله على أرضية التشريح العلمي الدقيق، بل كان يحمل في جيناته الخبر الدستوري والفقهي والسياسي والاقتصادي......الخ. ومن تم فلا داعي لإثارته مشوشا منفعلا، ولا إلى عرضه مشوها ومقزما.

ياسين الضوو: خريج السلك العالي للمدرسة الوطنية للإدارة 



[1]  انظر الرابط التالي www.hespress.com/politique/319629.html
[2]  مقالة السيد إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب المنشورة بموقع حزب العدالة والتنمية تحت عنوان" المادة 8 مكرر بين الحجز على ممتلكات الدولة وضرورة استمرار المرفق العام.

[3]  أنظر مقالة عبد اللطيف برحو,  منشور بموقع هسبريس بعنوان هل المادة 8 مكرر مخالفة للدستور؟ يوم الجمعة 26 ماي 2017 - 05:11
[4]  مقالة السيد محمد رضى بعنوان هل المادة 8 مكرر إلغاء لمبدأ العدالة الكوني بموقع هسبريس يوم السبت 27 ماي 2017
مقال الصحفية شيماء بخساس في موقع التراصوت بعنوان : هل اخترق البرلمان المغربي الدستور
[5]  ذ أحمد الصابغ، إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية بالمغرب دراسة تطبيقية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 62 سنة 2009، ص 149.
[6]  المرجع السابق، ص 215.
[7]  المرجع السابق، ص 320.

الجمعة، 20 يونيو 2014

قول على حدث

الحدث :
 تصريح لبن كيران رئيس الحكومة عن خسائر النساء بعد ولوجهن عالم الشغل، والضجة التي تلتها من تصريحات مضادة جددت إثارة المسألة النسائية على الساحة الإعلامية والحقوقية
القول:
معارك دونكشوطية مرة اخرى ، وترصد للهفوات واستثمار سياسي ممتاز لها ، نحن لسنا امام قانون او تشريع يحرم المراة من حقها في العمل والإنتاج ولا امام إرادة سياسية جديدة تنحو نحو تضييق هذا الحق للمرأة والرجوع بها الى سنوات عجاف لم يكن يعرفها تاريخنا المغربي طوال محطاته ، وبالمقابل لا يعلو الى صوت واحد النساء النساء وقليل من يسال ما هي مشاكل النسوة المغربية الحقيقية بل من الخطابات من ما يزال ينغم بخطابات التسعينات ومشاكلها متجاوزا مع واقع الحال اليوم مع بداية الألفية التالثة وعصر الانترنت وأزمة الطبقة المتوسطة ، خطب تتكرر ولا تتجدد فهل استمعنا اليوم الى هؤلاء النسوة؟
، أقول غير مدع أني املك الحقيقة الكاملة ، المراة العاملة اليوم حققت استقلاليتها فهل حققت سعادتها اسألوا الاستاذات والطبيبات والمهندسات هي تريد ان تحقق ذاتها في عملها ، ان تنجز أحلامها ، ان تساهم في بناء وطنها لكنها تبحث عن اعتراف بقيمة ما تعمل ولا تريد ان تخسر فوق كل هذا أنوتثها كيانها دورها الإنجابي إحساسها بالامومة قدرتها على تحمل هذا الدور والقيام به على أحسن وجه ، أتدرون من الذي وقع مءات ان لم اقل آلاف من فتياتنا وبناتنا حققن أحلامهم وطموحهن بالعمل والوظيفة والرواتب وفشلن في تحقيق سعادتهن بالحصول على الزوج الصالح والبيت الهادىء والبنت والولد ، اسألوا من منهن خرجن من الوظيفة العمومية بالتقاعد ولم يحظين بفرصة الزوج الصالح كيف حالهم؟ ، منهم من اصبح كل أملها ان تحظى بالولد يخرج من أحشاء ها يعينها على استكمال ما تبقى من العمر ولم يعد يهمها جنس اسمه الرجل حظيت به ام لا تحظ ، هي أزمة اجتماعية نعيشها والقادم امر
بالمقابل لا يزال بعض الشبان المغاربة يعتقدون ان الزواج مسؤوليتهم وحدهم وواجب تأمين مستلزمات الحياة المادية الصعبة اليوم على عاتقهم ، يجعلهم ذلك مترددين ووجلين من الأقدام على اخطر القرارات في حياتهم وهي الزواج ، فما اكثر العزاب الذين فقدوا بوصلة الحياة وأدركوا ان الأعمار لا تعوض وعجزوا عن فعل شيء ازاء معضلاتهم هاته ، الخلاصة الكل اليوم سواء رجلا او امرأة تطحنهم الآلة الرأسمالية طحنا وتجعلهم عبيد ثقافة استهلاكية لا تتوقف ويصبح استهلاك الحب كاستهلاك الخبز وتفسد الأذواق وتنقص الثقة فيصير العبث سيد الموقف.....................
عزيزتي المناضلة في الحركة النسائية المغربية
 تعلمين جيدا ان في مثل هذه المواضيع بالذات والتي تحمل الام وأحزان المجتمع وبها ومن خلالها ترتسم معالم المستقبل لا استسيغ ان تكون مادة للبوليميك ، وان الوفاء للحقيقة وللحقيقة وحدها هو الطريق الأمثل الذي بإمكانه ان يفتح نوافذ امل في المستقبل ، واعتقادا مني اني منصت ومستمع لأهات نساء اليوم وآمالهن نقلت لك ما استيقنته مقابلاتي وما استمعت اليه أذناي لا اكثر ، وفعلا انا في حيرة للجواب عن سؤال ما العمل ؟ بشكل مبادرة مدنية حضارية وحقوقية، ليستمتع الرجال بالنساء في بيوت يملؤها الود والاحترام والحب بعيدا عن الحسابات المادية الضيقة، وجدت جيلا من الرجال كما النساء حسابات الربح والخسارة هي البداية وهي النهاية في نسج اي علاقة إنسانية متكافئة مع الاخر ، ( واللي تيحسب، كيشيط ليه) من الزيجات من حققت العمل المرموق ، اي المركز الاجتماعي والسكن الواسع والسيارة الفارهة .... ولكن افتقد اهم شيء وهو الحب ، وهل يمكن لهذا الكائن ان يعيش فقط على العمل والمال والجنس ويفتقد حياة المعاني والإحساس بالاعتبار وبالاعتراف وبالقدرة على العطاء والبذل علما كما يقال ان الانسان بيوثقافي يفرح بالكلمة وينزعج بنصفها يحيا بالسيمياءيات، بالدلالات وبالرموز ، ويموت بالوهم ويتعذب بالتمثلات التي يحملها ، المراة طاقة خلاقة تنادي اليوم بصوت مرتفع ( الله يجيب اللي يفهمنا ، ما يعطينا والو )
 

الثلاثاء، 18 فبراير 2014

لا حاجة لمغاربة العالم ، لمن يعطيهم دروسا في الوطنية

من اجل انفتاح أكثر للجالية المغربية المقيمة بالخارج على النخب الفكرية والثقافية والسياسية الوطنية، وبهدف التعريف بقضايا الهجرة والمهاجر واستطلاع اراء الخبراء ومعرفة اقتراحاتهم وتمثلانهم للموضوع ، خصصنا في فقرة " حوار من اجل مغاربة العالم " لموقع الالكتروني الخاص بمغاربة العالم، (http://almahjarpress.com) الحلقة الاولى مع الخبير المغربي الأستاذ عمر ادعلي أستاذ التعليم العالي في الاقتصاد التطبيقي ورئيس المركز المغربي للبحث وتقويم واستشراف السياسات العمومية ومدير التداريب بالمدرسة الوطنية للإدارة، وقد جاء الحوار على الشكل التالي

- كيف ترون ادوار الجالية المغربية المقيمة بالخارج في ما يتعلق بتوازنات المالية العمومية؟ 
- هو دور غير مباشر ، ولكن في نفس الوقت يمكن اعتباره عامل محدد من وجهة نظر الاحتياط الوطني من العملة الصعبة، والذي يمكن المغرب من تفادي الاقتراض واللجوء الى الأبناك الخارجية، فكما هو معلوم فالعلاقة تلازمية بين مديونية الدولة والتحويلات المالية للجالية المقيمة بالخارج
- كيف تنظر الى السياسة العمومية المغربية اتجاه مغاربة العالم ؟ 
- تمييز مغاربة العالم بسياسة عمومية ما ، لست ادري أهي فخ أم امتياز ، لكن على العموم اعتقد أن بإمكانهم التنظيم والتعبئة والقيام بضغط يسمح بصنع سياسة تخدم تصوراتهم وطموحاتهم ومصالحهم المشروعة فالسياسة لا تقبل الفراغ، ومن جهة أخرى عليهم أن يكونوا على اطلاع دائم حول ما يحدث في بلدهم الأم من مجريات حتى يكونوا على علم بالفرص الاقتصادية التي يتيحها البلد و بالإشكاليات التي يعاني منها حتى يمكن لهم تقديم المعرفة والخبرة المطلوبة، كما تشكل التعبئة في صفوفهم من اجل خدمة قضايا الوطن في الخارج محوراً هاما وهي على سبيل المثال مسألة التعريف بوضع المدينتين السليبتين سبة ومليلية لدى الرأي العام الدولي علما أنهما مدينتان لا تقل أهميتهما  في تاريخ المغرب عن مدينة فاس ومراكش فسبتة هي مسقط رأس العالم المغربي القاضي عياط وغيره من أعلام المغرب ، لست ادري كيف يتم طمس هذا العمق التاريخي والحضاري بهذه السهولة ، تم أريد أن أؤكد أن مغاربة العالم هم من بمقدورهم إعطاء دروس في الوطنية وفي معاني الارتباط بالوطن فلقد أمضيت  ثلاثة عشرة سنة في الخارج وأدرك تماماً ماذا يعني أن تكون مغربيا في الخارج ؟ ولا احد يمكن أن يعطيهم دروس في الارتباط بالوطن فهم يدركون معنى الغربة وحجم حاجياتهم في هذا المضمار، لذا فأنا أدعوا المثقفين فيهم والباحثين والأكاديميين بالمشاركة بتحليلاتهم العلمية والفكرية في إصدارات المركز المغربي للبحث وتقويم واستشراف السياسات العمومية فنحن منفتحون على كتاباتهم ، كما يمكن المشاركة في الملتقيات العلمية واللقاءات التي ننظمها بالاتصال على البريد الالكتروني التالي : idalix@hotmail.fr 
- يعاني المغاربة المقيمين بالخارج من صعوبات إدارية وبيروقراطية عندما يفكرون في نقل خبراتهم والاستثمار في بلادهم المغرب، كيف تنظر إلى هذه المعضلة ؟ 
أجدني في هدا الموضوع بالذات مصرا على ضرورة بناء بنك معطيات موحد، تحين فيه قوانين الاستثمار وتعرض فيه التشريعات وتدرس من حيث نقاط القوة والضعف، بنك يتيح المعلومة الجيدة حول الاقتصاد الوطني ويوفر للمستثمرين والباحثين المغاربة إمكانية التفكير وصياغة وبناء المشاريع على حسب الخبرات التي يحملونها وفرص الاستثمار الكثيرة التي يوفرها الاقتصاد الوطني سواء في قطاعات : الفلاحة والصناعة والصيد البحري والخدمات ... الخ ، وأي قيمة مضافة تسهل المعرفة يمكن أن نجدها من خلال هذا البنك ، وليس كما هو الآن في المراكز الجهوية للاستثمار والتي اعتبرها مطالبة بالحفاظ عن استقلاليتها من وصاية وزارة الداخلية ، فألادوار الرئيسية التي يمكن أن تركز عليها هي تسهيل وتبسيط مساطر الاستثمار وتقديم المعلومة الكافية حول مواضيع تخص الاقتصاد وإمكانات الاستثمار الوطني 
- في خضم تأثيرات الأزمة المالية العالمية حول وضعية مغاربة العالم ، كيف يمكن التعامل مع هذه الوضعية ؟ 
- من شان بنك البيانات والمعطيات التي تحدثت عنه ، أن يقدم معلومات حول أوجه الاستثمار الناجع و فكرة عن مناطق المغرب الأكثر قدرة على التنافسية ، وبالتالي توجيههم على طرق ضمان حفاظهم على الموارد آلتي وفروها ، فاعتقد مثلا أن الأرض هي قيمة ثابتة  في العالم بأسره يمكن الالتجاء إليها ، كما يمكن التفكير في شراء سندات الخزينة كضمان في حالة خوفهم من ضياع أرزاقهم، كما يمكن الاستعانة بخبراء اقتصاديين سواء في الخارج أو في ارض الوطن من شانهم المساعدة على التوجيه والإرشاد والتعريف بالنشاطات الاقتصادية المربحة والأقل من حيث المخاطر 

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

l'intervention de Mr MARC CARILLO; Conseiller des Garantis de Statutaires au Conseil Généralité de Catalania-Espagne " la Garanties des droits Fondamentaux par La Juridiction Constitutionnelle en Espagne ; le Nouveau Recours d'AMPARO"

l'intervention de Mr IBRAHIM KABOGLU ; professeur à la faculté de Droit de l'université de Marmara-Turquie et président de l'association turque de Droit constitutionel

Rabat, 27-28.09.2013, Colloque international sur «Les juridictions constitutionnelles en méditerranée» à l'école nationale d'administration rapport de synthèse rapport de synthèse Mr DIDIER MAUS

الجمعة، 13 سبتمبر 2013

Ville de Demnate

Ville de  Demnate

De la polarité régionale à la marginalisation

    M. Mohamed HAOUACH[i]

         Il ressort des  récits rapportés par Léon l’Africain et Marmol que Demnate faisait déjà au début du 16ème siècle figure d’une ville communément connue dans la région de Haskoura au pied du Grand Atlas. Dans leurs  relations  de  voyage, effectué successivement au cours de ce siècle, tous les deux entamèrent la description du chef lieu de la région susdite sous le nom évocateur « al Madina » (Description de L’Afrique, traduction Hajji et autres, p.164) (L’Afrique, traduction Hajji et autres, p.107).
Dés lors, Demnate  est citée dans les sources historiques et les documents de voyages comme lieu d’administration makhzénienne dans les tribus Haskoura, célèbre de ses oliviers et arbres fruitiers,  de son kasbah, et du dynamisme de sa population dans le domaine du commerce et de l’artisanat. La coexistence pacifique de ses deux communautés, musulmane et juive, lui procura une notoriété internationale. 
  I- Fondation de la ville :
Quant à sa fondation, on constate que contrairement à beaucoup de villes marocaines dont l’existence fut l’œuvre d’un conquérant ou d’un roi, il parait que Demnate a fait son apparition dans la région de Haskoura grâce à sa position stratégique aux croisées des routes commerciales reliant, à la fois, le sud au nord et l’est à l’ouest à travers les cols de l’Atlas et la route makhzénienne du Dir qui rattachait, autrefois, Fès et Marrakech. Ainsi, elle a évolué, progressivement, d’une petite localité à un centre urbain distingué et  jouant d’une renommée nationale.
C’est pourquoi, il est difficile de donner une date précise à la fondation de cette ville. Mais, tout laisse à croire qu’elle existait, sous une forme quelconque, depuis  au moins  l’époque des Almohades qui coïncide avec le douzième siècle. Le chroniqueur Albaydak nous rapporte que l’armée d’Abdel Moumen séjourna pendant quelque temps dans un lieu appelé Demnate.(Akhbar Almahdi, p.41). Dans ce sens, Ahmed Taoufik n’exclue pas dans sa fameuse thèse sur les Inoultane l’implication du Sultan almohade Abou Yaâkoub Youssef dans la construction de sa kasbah, surtout que la tribu de Haskoura était devenue  une de ses propres alliés (Inoultane, p.67).
   II- Evolution historique :
          Depuis cette date, Demnate n’a pas cessé de développer et soutenir, à travers des siècles, une personnalité historique marquée par une forte participation dans la vie politique et socio-économique du pays à travers les différentes dynasties qu’a connue le Maroc.  
1-L’époque almohade : (1147-1269)
Vu la position stratégique qu’occupait la grande tribu Haskoura, les Almohades ne pouvaient  se passer facilement de ses services. C’est pourquoi, ils n’ont pas manqué d’occasion pour gagner sa confiance jusqu’à ce qu’ils ont réussit à faire des Haskoura leurs alliés. Ils leurs offrirent, à titre de reconnaissance, l’opportunité de combattre à leur coté en Andalousie et de s’installer, à leur gré, au sein de leur capitale Marrakech.  Et si l’on croit la relation rapportée par certaines sources comme el Yafrani dans sa Nouzha , le sultan A. Yakoub serait le fondateur de Demnate et de sa kasbah(p.363).
2-L’époque Mérinide et Wattasside : (1269-1465)
Il parait, selon toute vraisemblance, que les tribus Haskoura se sont repliées sur eux-mêmes pendant le règne des Mérinides et des Wattassides qui se sont fait, semble-t-il, de nouveaux alliés parmi les tribus hilaliennes. D’autant plus que l’arrivée massive de ces derniers ainsi que celle des arabes maakiles et leur installation sur les deux cotés de l’Atlas, causèrent un affaiblissement du trafic commercial dont bénéficiait  la région depuis fort longtemps. 
         Mais, loin d’étouffer cette grande tribu et son chef- lieu qui est Demnate, ce repliement parait avoir renforcé davantage sa structure socio-économique et son savoir-faire lorsqu’il a poussé ses habitants à pallier leur manque de pâturage et de terres fertiles par l’amélioration de leurs techniques et modes d’exploitation dans le domaine agricole et  artisanal.
 C’est probablement dans ce contexte particulier que Demnate  avait connu l’essor socio-économique qu’a signalé, à la fois, Léon l’Africain et Marmol  au cours du 16ème siècle. Et c’est, peut-être, cela, aussi, qui a permis aux notables demnatis d’exercer une certaine autonomie vis-à-vis du Makhzen wattassi dans le cadre du système  dit « des grandes Machyakhas » qui ont réussit à constituer des conseils de notables à Demnat  et Almadine. (Inoultane, pp.74-75). 
 3-L’époque Saâdienne : (1554-1659)
Cette tendance au repliement et aux conflits intérieurs, fût rompue par l’intervention des Saadiens à partir de 1526, date du ralliement des Haskoura à côté des nouveaux maîtres du Maroc. (Sources Inédites, Portugal, 1, p.385). Dorénavant, Demnate rependra son rôle de jadis dans l’administration et le contrôle régionale dans le Makhzen Saadien. Et il ressort de la désignation par le Sultan al Mansour d’Ibrahim Soufiani, grand homme d’Etat, à la tête de l’administration locale, la confirmation du rôle politique dont sera dotée Demnate durant l’époque saâdienne .
Outre son aspect politique, ce ralliement des demnatis à côté des Saâdiens, semble avoir consolidé davantage leur ville. Léon l’Africain qui y séjourna au milieu du 16ème siècle, estime sa population à deux mille foyers (p.107), ce qui donne un chiffre global d’environ dix mille personnes, parmi lesquels se trouvait un nombre assez important de gens de métiers et de commerce d’appartenance variées : musulmans, juifs, et même andalous. 
4-L’époque Alaouite avant le Protectorat : (1666-1912)
On ne connaît pas exactement les incidents qu’a vécu la ville de Demnate pendant la période de troubles survenus au Maroc après la mort d’Ahmed al Mansour (1603) et la dispute du pouvoir entre ses fils. Mais, il parait qu’elle en  est sortie épuisée.
 Cependant, à partir du règne du sultan alaouite, Moulay Ismaïl, Demnate fit partie intégrante du nouvel échiquier politique, puisqu’ il l’a confia à son propre fils, Ahmed Addahbi  en 1699.
 Or, à partir du règne de Sidi Mohamed Ben Abdallah (1757- 1790), qui mis fin à la politique des forts aux pieds des chaînes atlasiques, Demnate perdit, comme beaucoup d’autres villes du Dir, son rôle de contrôle des tribus de la région, et s’est vue même privée de ses âbides (esclaves) qu’on transporta de suite à Tit el Fitr   (Naçiri, Istikça,t.8, p.49).  En plus de cela, la ville  de Demnate  fut confiée aux gouverneurs des Sraghnas, ennemis jurés des demnatis. 
Passée l’époque de Sidi Mohamed Ben Abdallah et celle de Moulay Soulaymane qui paraissent avoir bénéficié d’un contrôle suivi des tribus, Demnate  entama son entrée au 19ème siècle par  une  attaque éclaire de son gouverneur serghini, Ahmed Ibn al Caïd, dans sa kasbah en 1832, et la razzia de ses demeures et souks (Taoufik, op .cit, p.144).
Mais, en dépit des troubles qui ont succédé à cette attaque, le Sultan Moulay Abderrahmane réussit à soumettre Demnate et sa région, ce qui lui a permis de bénéficier de ses services, surtout quand il a désigné à sa tête Ali Ouhaddou Demnati en 1848. En contre partie, Demnate reprit son rôle de jadis et devint indépendante vis-à-vis des Sraghnas.
A partir de cette date et jusqu’à la fin du règne de Moulay el Hassan (1894), Demnate aura le mérite d’assurer, pour le compte du Makhzen sous l’autorité du caïd Ali Ouhaddou (1848-1875) et son fils caïd Jilali (1875-1904), le passage du courrier de Tafilalet ainsi que l’approvisionnement de la famille du Sultan en cette localité.
 C’est pourquoi, elle a bénéficié, durant tout ce temps, du secours du Makhzen à chaque fois que les tribus de l’entourage la menaçaient. Et c’est à ce même titre que Moulay Mohamed Ben Abderrahmane a ordonné la construction de la muraille qui entoure l’actuelle médina moyennant, pour cet objectif, les entrées des biens des Habous enregistrés au nom de la grande mosquée de la ville,  en plus de la cotisation des habitants. Il a aussi réagit positivement aux plaintes exprimées par les habitants musulmans des deux principaux quartiers, en l’occurrence Arahbi et Alfalah, à l’encontre de leur concitoyens juifs qui seraient à l’origine de la pollution de la seguia qui alimentait en eau potable toute la ville. Il promulgua un dahir autorisant leur déplacement à un lieu plus sûr.
Parallèlement à tout cela, le caïd Ali Ouhadou reçut, en 1866, l’avale du sultan Mohamed Ben Abderrahmane pour la désignation d’un cadi indépendant à Demnate, avant que son successeur Moulay El Hassan n’éleva Demnate au rang d’une ville avec tout ce que cette distinction comporte de privilèges et de prérogatives.
Outre ces gestes bienveillants, Demnate reçut les honneurs de Moulay el Hassan 1er quand il y mit les pieds en 1887 pour visualiser les éléments de conflit qui a ressurgit entre juifs et musulmans de la ville. Après avoir pris plusieurs mesures en faveur des israélites surtout en ce qui concerne les exactions que leur endurait le caïd Jilali, Moulay el Hassan déclara devant une assemblée de musulmans et de juifs la construction d’un quartier exclusif pour ces derniers en dehors des quartiers musulmans dans un lieu appelé Aït A’Mar au nord de la ville. Et après avoir reçu l’avale des deux belligérants, il promulgua un dahir en la matière, et donna, de suite, le coup d’envoi des constructions. Le nouveau mellah verra le jour en 1890, mettant ainsi fin à un conflit intérieur qui risquait d’interrompre les traditions séculaires de tolérances entre les deux communautés.  
Cependant, la mort subite de Moulay El Hassan en 1894, fut suivie d’une catastrophe réelle pour tous les habitants de Demnate, musulmane et israélites confondus, quand les tribus de l’entourage et celles des Sraghnas, en particulier, la saccagèrent pendant huit jours en l’absence de son caïd Jilali.
 Cette attaque a été fatale pour Demnate, puisqu’elle s’est trouvée, du jour au lendemain, privée de ses potentialités humaines les plus actifs. Heureusement, elle s’est vite remise de cette chute grâce au bon sens de ses tribus qui ont rappelé les évadés à réintégrer leur ville pour réactiver la vie économique qui était au point mort. Et pour les convaincre, ils ont pris des mesures draconiennes contre quiconque pourrait entraver leur retour.
 Or, après un bref moment d’administration alternée entre les différentes fractions des Inoultanes, Demnate fut, de nouveau, reprise par le caïd Jilali à partir de 1896, avec l’appui et la bénédiction, cette fois-ci, du sultan Moulay Abdelaziz. Et depuis cette  date, Demnate n’a pas cessé de sombrer dans les conflits cycliques qui opposaient les différents prétendants à son administration. Ainsi, après dix années de vengeances et de mauvais traitements des notables de la ville et des tribus, le fameux caïd Jilali connut un sort tragique en juillet 1904, lorsqu’une de ses victimes le poignarda mortellement pendant qu’il accomplissait la prière de vendredi à la mosquée du kasbah. .
 Loin d’incriminer celui qui a exécuté ce meurtre, Taoufik conclut que cet événement a mit fin au peu d’autorité qu’exerçait, jusqu’à cette date, le makhzen sur Demnate et sa région, et a donné l’occasion aux Glaouis de mettre leur main sur cette ville et ce jusqu’à l’avènement du Protectorat. (Taoufik, op.cit., p.605)
 5-L’époque du Protectorat : (1912-1956)
L’entrée de Demnate dans le sillage de l’administration coloniale, inaugura une nouvelle phase dans son évolution historique. Signalons, en premier, que la présence française en cette ville, à partir de 1913,  a ramené calme et sécurité. Ainsi, Demnate ne verra plus ses quartiers dépouillés et incendiés par les tribus, ni son caïd poignardé en pleine prière de vendredi, ou battu en terrain de guerre par un rival, ou évacué de force par les habitants. Hormis la caserne  et le bureau du contrôle civil qu’on construisit  à Imlil, la présence française au sein de la ville demeurait, généralement, inaperçue, parce que la main forte des caïds Glaouis ; Abdelmalek et son successeur Omar, et l’appui inconditionné que leurs offrait le Pacha de Marrakech, Thami Laglaoui, dispensaient les Français des charges de sécurité dans l’enceinte de la ville.
 Durant tout ce temps, Demnate  est restée rattachée à la zone militaire de Marrakech, et devint annexe de la circonscription d’ Aït Ourir. Les autorités françaises la dotèrent d’une infrastructure   moderne sous forme d’équipements divers de type social et  économique. Mais ces équipements  étaient ni de taille ni de nature à  relever Demnate de son déclin constaté depuis le début du siècle. D’autant plus que d’autres événements prévirent cette ville des avantages dont elle tirait profit depuis fort longtemps, à savoir : la construction d’une nouvelle route à travers le col de Tizi N’Tichka qui se traduisit pour Demnate par un abondant presque total de la route qu’empruntaient, depuis des siècles, les caravanes des régions sahariennes à travers les cols de Tizi N’ Fadrhat et Talouat, et surtout l’immigration de sa population juive vers d’autres villes du Maroc  depuis la fin du 19ème siècle et surtout leur embarquement massif vers la Palestine occupée au cours des années cinquante et soixante. Ces deux éléments causèrent une perte incontestable pour Demnate et sa région et la réduisit à un état de décadence et de marginalisation.
 Cette situation s’aggrava encore davantage pendant la période de l’indépendance quand Demnate fut rattachée à  une localité  comme Azilal, devenue, à partir de 1975, une capitale provinciale. Ainsi, l’ancienne capitale des Haskouras se trouva, successivement, dédoublée et dominée,  par deux petites localités de son ancien entourage ; à savoir Aït Ourir et Azilal.
Cela nous conduit à conclure que Demnate a perdu, au cours  du siècle dernier, suite à des événements d’ordre à la fois national et international, beaucoup de son image de jadis si joliment tracée par Charles de Foucauld vers la fin du 19ème siècle lorsque « tout était en bon état » et rejoignit sa vocation initiale, celle d’un centre rural à  « l’aspect généralement abandonné des constructions, les ruines, la poussière ou la boue qui découragent le visiteur » comme il souligna  l’urbaniste,  Pierre Mas , dans son rapport en 1955.








[i] M. Mohamed HAOUACH : Historien et enseignant de l’enseignement supérieur à la faculté des lettres et sciences humaines  de beni-mellal

الجمعة، 28 يونيو 2013

أثر القراءة على الدماغ

أثر القراءة على الدماغ (6/1)
 
أثر القراءة على الدماغ (6/2)
 
 
أثر القراءة على الدماغ (6/3)
 
 
أثر القراءة على الدماغ (6/4)
 
 
أثر القراءة على الدماغ (6/5)
 
 
أثر القراءة على الدماغ (6/6)
 
 

السبت، 2 فبراير 2013

حوار مع معلم الفخار والخزف ببوغرارت السيد الحاج عمر الصادقي


حوار مع معلم الفخار والخزف ببوغرارت السيد الحاج عمر الصادقي

تمهيد :
تشكل صناعة الفخار بدمنات مصدر اعتزاز الصناع والحرفيين بالمنطقة لما توفره من موارد مالية مهمة تعود بالنفع بالدرجة الأولى على أبناء المنطقة من جهة ، ولما ترمز إليه من عمق تاريخي وثقافي وحضاري لدى الساكنة  ، حيث أبت إلا أن تقاوم عوادي الزمن ، وتصمد أمام الآلة الصناعية المنافسة والملوثة المتمثلة في البلاستيك وأمام التغير الحاصل  في سلوك الناس وأنماط تفكيرهم  وعادات استهلاكهم . ولتسليطهم الضوء على هذا الجانب المشرق في تاريخنا ، تاريخ التصنيع اليدوي الذي بفضله تحقق الاكتفاء الذاتي والإشباع  من الأدوات والوسائل الحياتية التي تمكنت من التأقلم مع حاجات المجتمع المختلفة ،و تماشت مع حياة الناس البسيطة آنئذ.
 ولمحاولة فهم آليات الصمود والمقاومة التي بفضلها بقي هذا الموروث إلى اليوم ينضح بالحياة في قرية بوغرارت التابعة إداريا لجماعة إمليل دائرة دمنات, عكس ما وقع للعديد من الحرف التقليدية بدمنات كالدباغة والحدادة مثلا والتي كانت بدورها إلى عهد قريب تسهم في التنشيط الاقتصادي والتجاري والسياحي للمدينة ، كان لنا الحوار التالي مع احد معلمي الصناعة الخزفية والفخارية بدمنات وقد جاء على الشكل التالي:
س: إلى أي حقبة تاريخية يرجع تاريخ الخزف بدمنات؟
ج: أولا للتصحيح نقول الفخار  لأنه هو الأصل في تاريخ الحرفة بدمنات ، أما الخزف فيأتي بعده ، فبالنسبة لي شخصيا أتذكر أنني كنت اشتغل مع الوالد رحمة الله عليه منذ سنة ١٩٦٦ ، فكانت البداية حيت تعلمت الحرفة وكنا  نصنع القلال الكبيرة ونذهب بها إلى سوق الأحد بدمنات، فبدأت حينذاك بصنع القلال الصغيرة والغريب في الأمر أنها كانت تباع بثمن أكثر من الكبيرة ، وذلك علامة على بداية تقلص حجم الطلب على النوع الأخير . أما بخصوص سؤالك عن تاريخ الحرفة فهي كانت تتوارث في بيتنا أبا عن جد إلى الجد الخامس في الأسرة ،فحينما سالت الوالد أجابني أنه على الأقل توجد ٤٠٠ سنة من الامتداد في الحرفة لدى الأسرة قبل ذاك التاريخ ، ويمكن الرجوع إلى ( المقلع ) - ويقصد مقلع الطين واستخراج المادة الأولية - وتحديد الكمية المأخوذة المستعملة ، حيث تساوي بتقدير الحرفيين أكثر من ألف سنة ٠ وأؤكد لكم بداية أن أصل هذه الحرفة كانت مهنة النسوة لحاجاتهن للأدوات الميسرة  لصناعة الخبز وطهيه بينما كان الرجال منشغلين بالعمل في الزراعة.
وفي هذا الصدد أؤكد لكم أنه سبق لي أن عثرت بالدوار على قطعة من الفخار قديمة جداً وكان ذلك في قبر اكتشفته أثناء أشغال البناء في البيت الذي اسكن فيه ، وقد وجدت الجثة دفنت  في وضعية جلوس وهي عادة الدفن لدى اليهود ، مما يدل على أن منطقة بوغرارت كان يقطنها اليهود أيضاً وكانوا يتعاطون للحرفة.
س : ما هي أكبر العائلات التي كانت تتعاطى لحرفة الفخار؟ وكم يبلغ عدد الأفراد المشتغلين فيها؟
ج : يمكن أن اذكر لكم من بين العائلات التي تتعاطى للحرفة بالدوار : عائلة ايت بن عجان وايت العربي و ايت بن حميدة وايت بن علال ، ففي سنة ١٩٦٦ يمكن القول انه لا يخلو بيت في الدوار إلا وأحد أفراده أو اثنين منهم من دوار بوغرارت على الأقل يشتغل بهذه الحرفة. كما أن دوار بوغرارت يعتبر على المستوى الوطني أكبر دوار من حيث الكثافة السكانية، وللإشارة فهذه العائلات كانت تعمل كذلك في قطاع الزراعة ولم يكن انهماكها في هذه الحرفة إلا موسميا وخصوصا في فصل الصيف يبتدئ من شهر مارس وينتهي في أواخر شهر شتنبر.
 :   ماذا تعني كلمة بوغرارت ؟ وما الدلالة الاسمية التي تحملها؟
ج : يقال إن أهل بوغرارت قديما كانو من الملوك وهم كذلك قبل أمراء فطواكة ، ويمكن أن ننسب كلمة بوغرارت بالأمازيغية إلى (تاغرارت ) أي منطقة بين جبلين
س : هل منطقة بوغرارت وحدها في قبيلة اينولتان هي من كانت تصنع الفخار و الخزف  ؟ وما هي الأدوات التي تقومون بتصنيعها ؟
ج: لا فالفخار يوجد كذلك بمنطقة تغرمين ، حيث كانو يشتهرون بصنع (الزلايف) ، أما الخزف فكانو ا يضعون له ( الكحل ) أي بالفرنسية plomb ولا علاقة له بالخزف المعروف ب ( السيراميك ) ، كما اشتهرت منطقة ( تيفغمات ) نواحي ايت واودانوست أيضاً بهذه الحرفة خصوصا صنع ( الفراح ) الذي يطهى فيه الخبز و كذا ( المجمر ).

أما منتوجات بوغرارت فكنا نصنع (احنصال) القلال الصغيرة والكبيرة للمياه ، و( تقسريت ) لعجين الخبز و( أقسري ) وهو إناء ضخم للتصبين ، و ( أحلاب) لوضع الحليب ،و ( تدقيت ) للحريرة و ( الخيبيت ) لوضع السمن والعسل و( أكدور) للزيت في الحجم الكبير والصغير و ( إكنكسو ) لطهي الكسكس مع ( تكنبيت ) أي ( البرمة ) وكذا ( الطاوة ) وأشياء أخرى ......  
س: كيف يتم تسويق منتوج الفخار إلى باقي التراب الوطني ؟
ج : كان ذلك يتم عبر قوافل كانت تأتينا على الجمال من أولاد خلوف والنواحي ، صنهاجة ، بني عامر ، والحمادنة ، بل من التجار من كان يأتي للتبضع والمتاجرة من سيدي حجاج نواحي سطات ، وبعده في الستينات أصبحنا نشاهد بداية دخول الشاحنات إلى الدوار قصد اقتناء منتجاتنا ، حيث وصل صدى هذه الحرفة إلى مدينة المحمدية منطقة الفضالات ، وللإشارة ففي منطقة بن سليمان وبجمعة فضالات يوجد دوار يسمى ب ( دوار بوغرارت ) أو دوار الشلوح، فوالدي رحمة الله عليه قبل عام ١٩٤٤ أي قبل أن يتزوج كان قد قضى ١٧ سنة ب ( جمعة فضالات دوار العمور سيدي علي) يشتغل بالفخار كمعلم ماهر وكان يبيع منتوجاته في الصخيرات وتمارة و مديونة ....الخ من المناطق
س : هل لك  أن تحدثني عن الهجرات التي قام بها معلمو حرفة الخزف بوغرارت إلى باقي مناطق المغرب ؟ 
ج : يمكنني ان أقول لك إن أول هجرة للمعلمي الفخار ببوغرارت حسب علمي كانت سنة ١٩٢٤قام بها السيد المعلم بن سي ناصر رحمه الله وكان أن انتقل إلى منطقة تدعى ب ( بوشوينيطة ) بإقليم  بن سليمان ، وقد كان سببا في هجرة العديد من المجموعات من بوغرارت إلى جمعة فضالة ومنها أيضاً هجرات إلى منطقة أولاد البوزيري بإقليم سطات حيث أؤكد لكم أن الفضل يرجع لهؤلاء المعلمين في تأسيس صناعة الفخار بهذه المناطق .
أما بالنسبة إلى مناطق سلا والرباط فالفخار كان موجودا بتلك المناطق حيث عرفت ب ( الطاجين السلاوي والرباطي) أما الخزف فيرجع الفضل في تطوره بسلا إلى الفرنسي ( لورون) ، أما بداية اشتغال أبناء بوغرارت في الخزف بهاتين العدوتين كان بهجرة السيد لحسن بلعجان والمعلم عبد العزيز بن عمي والمعلم عبد القادر دليلي ، وكان ذلك في بداية الستينات . والآن بين سلا والرباط يوجد ما يقرب ١٢٠ عائلة من ممتهني حرفة الفخار والخزف ،  تتوزع ما بين حي السلام ودوار الحاجة وحي مولاي إسماعيل وبطانة والقرية ...... الخ
أما بالنسبة لمدينة مراكش فقد أتنقل إليها المعلم العمري أحماد سنوات الستينات حيث كان يشتغل بالبرادة في منطقة سيدي اعمارة ، ومنطقة مراكش كانت معروفة بحرفة الخزف التقليدية حيث أنها كانت قديمة فيها ، أما الخزف فكانت بدايات ظهوره بها من خلال تجربة استثمارية قمت بها مع مهندس مختص في الصناعة المعدنية السيد العمري لحبيب ، إذ من خلال التجربة التي راكمتها في تعلم الخزف بسلا عند خالي الحاج عبد القادر سنة ١٩٧١ ، اتفقت أنا والسيد المهندس بعد سلسلة من التجارب ، على تطوير صناعة الفخار والانتقال إلى الخزف تماشيا مع إكراهات التسويق التي أصبح يعرفها مجال الفخار ، فكان أن وضعنا أول مشروع لصناعة الخزف وهو عبارة عن معمل أسميناه معمل ( إمي نفري )  بمراكش حيث صنعت أول قطعة خزفية فيه . قضيت بالمنطقة أزيد من أربعة عشر شهرا اعلم مبادئ صناعة الخزف لتلاميذي منهم : المعلم الوطن عمر ، وحميد العمري ، و اعبو محمد ...... الخ .
س : كيف إذن تطورت صناعة الفخار بوغرارت وانتقلت إلى الخزف ؟
ج : بالضبط في سنة ١٩٨٢ ،و نتيجة لانحسار تجارة الفخار التقليدي وبداية الأزمة بسبب منافسة البلاستيك للمنتوجات المحلية  وبدايات ظهوره بشكل قوي في الأسواق فكانت النتيجة عدم إقبال الناس كما كان من قبل على اقتناء منتجاتنا مما أفضى إلى فقدان العديد من المعلمين لوظائفهم وموارد عيشهم ، وبالنظر لتجربتي السابقة في تصنيع الخزف كما سبق أن أشرت فقد وقع الاتفاق بيني وبين المعلم دليلي عبد السلام ( وهو رفيقي في رحلة العمل في الخزف بسلا ) على إقامة مشروع تجديدي للحرفة بعد أن قمنا بالدراسات اللازمة بما فيها أخذ عينات من طين دمنات وتجريبها في المختبر ، حيث كانت النتائج مشجعة إذ اكتشفنا بعد مجموعة تجارب بمعمل فخار بوغرارت بسلا ان هذا الطين ذو جودة عالية في تصنيع الخزف ، وهكذا قمت ببناء أول مشروع للخزف بالدوار وأسميته ( مصنع فخار الأطلس ) ، وكانت البداية بتأهيل أبناء بوغرارت الذين أصبحوا معملين على التقنيات الجديدة المرتبطة بالخزف تحت إشراف المعلم دليلي عبد السلام ، وكانت التجربة ولله الحمد رائدة وناجحة تمكنا من خلالها من إنقاذ الصنعة من الضياع ، لدرجة أن شهدنا هجرة مضادة لعمال قادمين من سلا ومراكش للاشتغال  بدوار بوغرارت ، وكانت أول منتجاتنا الخزفية آنذاك هي ( السوبيرة والزلايف) التي شهدت إقبالا منقطع النظير  وأواني والديكور والمحابق .... الخ.
صناعة الخزف بدورها عرفت انتقالات لمناطق أخرى من المغرب بفضل أبناء بوغرارت كأكادير مع المعلم عبد السلام بقاس  وبالضبط منطقة تدعى ب ( التسمية) وكذلك انتقلت إلى اوريكا نواحي مراكش مع المعلم عبد القادر بلفساحي .
س: كنت قد حدثني عن رحلتك العلمية إلى الصين الشعبية ؟ كيف جاءت فكرة زيارة الصين ؟ وماذا استفدت منها ؟
ج : بداية كنت دائماً أتساءل ألا يمكننا أن نقوم بتصنيع الصباغة الخاصة بالخزف في المغرب بدل استيرادها ، فبدأت اهتم بالمعادن خاصة الصباغة فكان أن وفقت في العثور على مصدر الصباغة ومكوناتها الكيميائية ، وفي إطار التعاون المغربي الصيني كان أن اخترت لأمثل بلدي المغرب كمعلم في صناعة الخزف ، كان ذلك ما بين ١٩٨٢ و ١٩٨٣ ، حيث قضيت هناك أزيد من شهران ونصف ، ومن خلال برنامج للزيارة  جد مكثف استفدت كثيرا من التجربة الصينية واستوعبت جيدا الاختلافات الموجودة في كل  من  الفخار والخزف والسيراميك والبورسلين ( الطوس ) إذ تكمن في الفروقات الجوهرية للتكوين الكيميائي للتربة ونوعية الصباغة المستعملة.
س: هل من إمكانية لتطوير الصناعة والانتقال في المغرب إلى البورسلين؟
ج : لقد بحثت في الأمر فعلا ووجدت أن صناعة البورسلين بالمغرب عالي التكلفة لضرورة البحث عن مادة ( الكولان ) القليلة في التربة وتحويلها بخلاف جارتنا الجزائر التي توجد فيها هذه المادة بكثرة .
س : الم يكن من الممكن استيرادها من الجزائر ؟
ج : بالنسبة للصينيين الذين يعرفون قيمة هذه المادة , هم اليوم يشتغلون عليها فعلا داخل الجزائر ويصنعون منتوجاتهم من ( الطاووس ) الذي غزا العالم دون الحاجة لاستيرادها في بلادهم.

حاوره السيد ياسين الضوو

لا إِله إلا انت سبحانك ربى اني كنت من الظالمين - حسبى الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم - رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا ومحمد عليه افضل الصلاة والسلام نبيا - لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم - يارب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك - اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد عليه افضل الصلاة والسلام - سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر - حسبنا الله ونعم الوكيل - استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم