الأحد، 3 يونيو 2012

زجل على إيقاع فايسبوكي : التجربة الأولى


 زجل:
أش داني ليك أيا دمنات
على الساعة الخامسة إلا ربع مساءا من يوم الأحد ثلاثة يونيه دار حديث فيسبوكي بين صديقين، فألهم زجلا حول مدينتهما دمنات ،إليكم مقتطفا من هذا الحديث موثقا بالدقيقة والثانية.

   [16:45:06] ياسين الضوو: تقول التبييضة : عود العزري ما بغا يزكا     سر الالا ديري ليه حجابو
[16:45:50] عبد الهادي الحيداوي: هداك الحجاب اللي خاصنا
[16:45:55] عبد الهادي الحيداوي: هههه
[16:47:01] ياسين الضوو: تصور ان العزبات من يغني هذه الاغنية لام الزوفري كي تفهم راسها
[16:47:54] عبد الهادي الحيداوي: ههههه
[16:48:29] عبد الهادي الحيداوي: شقيت الوظيفة ديال الفنديك الساعة
[16:48:33] عبد الهادي الحيداوي: الفن
[16:48:49 ياسين الضوو: ادا الزمان......................ما فهمت
[16:50:00] ياسين الضوو: اذن ضروري ناسسو شي جوق ديال الملحون ف منات
[16:50:09] عبد الهادي الحيداوي: كاينين العازفين
[16:50:16] عبد الهادي الحيداوي: خاصنا غير التكوين
[16:50:28] ياسين الضوو: اوكييييييييييييييي
[16:51:00] ياسين الضوو: كلما زرت دمنات احس انها في خراب دائم مستمر يوم عن يوم
[16:51:23] عبد الهادي الحيداوي: الملحون ره اكبر مرآة للتايخ و الحضارة المغربية
[16:52:11] عبد الهادي الحيداوي: واش سمعتي قصيدة اللطفية
[16:52:24] عبد الهادي الحيداوي: وتاملتي فالبلاغة ديالها
[16:52:33] عبد الهادي الحيداوي:  و الصور الشعرية
[16:52:58] ياسين الضوو: صفتها لي انا عندي غير الدبليج او الشمعة
[16:55:36] ياسين الضوو: شوف الملحون الجزائري  http://www.youtube.com/watch?v=n9Q3lUmhXe4
[16:55:43] Abdelhadi El Hidaoui: http://www.youtube.com/watch?v=EBniWjF_7Ms
[16:56:46] عبد الهادي الحيداوي: واش شفتي واحد الفيديو ف صفحة واش كاتغير على دمنات
[16:56:53] عبد الهادي الحيداوي: انا اللي لحتو
[16:57:00] عبد الهادي الحيداوي: مصور حدا المارشي الجديد
[16:57:09] عبد الهادي الحيداوي: واقع الطفولة بدمنات
[16:57:40] ياسين الضوو: لا
[16:57:50] Abdelhadi El Hidaoui: choufou
[16:58:04] Abdelhadi El Hidaoui: w tfakkar yamat tofoula dial ar7bi
[16:58:26] ياسين الضوو: صفتو لي
[17:03:19] Abdelhadi El Hidaoui: ok
[17:03:35] عبد الهادي الحيداوي: من انجازات مجلس الشفارة
[17:03:42] عبد الهادي الحيداوي: هادي كتحسب ليهم
[17:03:54] ياسين الضوو: ما نزات
[17:04:16] Abdelhadi El Hidaoui: https://www.facebook.com/photo.php?v=151731574960819
[17:04:22] عبد الهادي الحيداوي: المارشي
[17:05:37] ياسين الضوو: زعما راه باز ميكون الحماق بزاف ف دمنات
[17:06:46] ياسين الضوو: عادي كنا نديروها فالفلاح بين دار الدباغ او حمان الفطواكي
[17:07:21] عبد الهادي الحيداوي: شفتي الاختراع ديال المجلس
[17:07:36] عبد الهادي الحيداوي: كال ليك دارو ولوجيات للمعاقين
[17:07:46] عبد الهادي الحيداوي: لكنها تصلح للتزحلق
[17:08:12] ياسين الضوو: مزيان تؤدي جوج خدمات
[17:09:31] ياسين الضوو: بغيت الاغنية بوحدها
[17:09:41]: ياسين الضوو: م ب تري
[17:09:59] عبد الهادي الحيداوي: بلاتي نشوف
[17:10:30] ياسين الضوو: عندي كليمات لمدينة دمنات
[17:11:19] ياسين الضوو: كبرات او كثرات
[17:11:29] ياسين الضوو: اوحنا اعيينا من الغوات
[17:11:44] ياسين الضوو: الناس مشات ورعات
[17:11:59] ياسين الضوو: واحنا ابقينا فالفتات
[17:12:32] ياسين الضوو: أش هذ اللعنة اللي نزلات
[17:12:46] ياسين الضوو: بالسكنات
[17:13:02] ياسين الضوو: على مدينتي
[17:13:07] ياسين الضوو: مدينة دمنات
[17:13:20] ياسين الضوو: هذ النار اللي شعلات
[17:13:42] ياسين الضوو: في قلوبنا اودارت كيات
[17:14:06] ياسين الضوو: اش هاد الهم اللي ولدات
[17:14:17] ياسين الضوو: الاسوار راها تخلات
[17:14:35] ياسين الضوو: والصبيان راها تبلات
[17:15:12] ياسين الضوو: الماحيا او الحشيش بها تقوتات
[17:15:25] ياسين الضوو: اش هاذ الآفات
[17:15:46] ياسين الضوو: الوجوه علينا تبدلات
[17:16:24] عبد الهادي الحيداوي: خليها تا نلقاو ليها شي لحن
[17:16:31] ياسين الضوو: فيها اتمعشات
[17:17:09] ياسين الضوو: راه دابا خوك فيها مشاعرو هضرات
[17:17:25] ياسين الضوو: راني عليها عيوني دمعات
[17:18:01] ياسين الضوو: هي ديما فالازمات
[17:18:16] ياسين الضوو: اش تبدل عليك ادمنات
[17:18:54] ياسين الضوو: سوق برا اللي عرفات
[17:19:10] ياسين الضوو: فيه مشات الملايين
[17:19:25] ياسين الضوو: او ما صبحات
[17:19:40] عبد الهادي الحيداوي: هككاااك
[17:19:50] ياسين الضوو: الطريق يتيمة لفدغات
[17:20:14] عبد الهادي الحيداوي: و الطفولة تشردات
[17:20:17] عبد الهادي الحيداوي: بين الزناقي و البيارات
[17:20:23] ياسين الضوو: عواجت او ما تكادات
[17:20:36] ياسين الضوو: والطفولة اللي تشردات
[17:20:36] عبد الهادي الحيداوي: لاقراية لانوادي لا جمعيات
[17:20:50] ياسين الضوو: انا فعقلي ما تنسات
[17:21:15] ياسين الضوو: فين حقك ادمنات
[17:21:26] ياسين الضوو: فين السبيطارات
[17:21:46] ياسين الضوو: فين الامات اللي تحيرات
[17:22:03] ياسين الضوو: كلما مرضو الدراري اولا البنات
[17:22:26] ياسين الضوو: فين حقك ادمنات فالتنمية اللي مشات
[17:22:34] ياسين الضوو: او ما ولات
[17:22:48] ياسين الضوو: فين اولادك يا دمنات
[17:23:49] ياسين الضوو: المساخط فيهم كبروا مع البنايات
[17:24:03] ياسين الضوو: لا تعمير مكاد لا عمارات
[17:24:50] ياسين الضوو: تلقى السودور حدا فرماسيانات
[17:25:41] ياسين الضوو: مع الكزار
[17:25:50] ياسين الضوو: او العطار
[17:26:00] ياسين الضوو: او الحمار
[17:26:49] عبد الهادي الحيداوي: واقيلا هاد الابداع وليد هاذ اللحظة
[17:26:58] ياسين الضوو: كلهم جنب فجنب بلا حشمات
[17:27:04] ياسين الضوو: ويييي
[17:27:30] ياسين الضوو: ليك الله يا دمنات
[17:27:51] ياسين الضوو: حالفين حتى نخرجو العدو من الصالات
[17:28:17] ياسين الضوو: وندفعو الشر او الافات
[17:28:34] ياسين الضوو: باليقين الي فقلوبنا
[17:28:49] ياسين الضوو: وبدعوى الصالحات
[17:29:14] ياسين الضوو: نشتتوا شمل المنكرات
[17:29:34] ياسين الضوو: نفرتكو مجمع الساحرات
[17:29:42] ياسين الضوو: نرفعو العلام
[17:29:48] ياسين الضوو: و الرايات
[17:30:05] ياسين الضوو: نرجعو المجد اللي فات
[17:30:53] ياسين الضوو: واخا هربات التنمية
[17:31:05] ياسين الضوو: لازم يوم تكون رجعات
[17:31:33] ياسين الضوو: مهما ضاعت الطفولة يجي اليوم
[17:31:41] ياسين الضوو: اللي فيه كبرات
[17:31:58] ياسين الضوو: لكن القلوب اللي حبات
[17:32:09] ياسين الضوو: ما تتبدل فيك يا دمنات
[17:33:04] المرجو ان تجمع لي هذه الكليمات التي نطقت بها في هذه اللحظات وشكرا) فانا ابكي وجعا على الي جراااااااا

الثلاثاء، 29 مايو 2012

نهاية المثقف وبداية المتدين

على خلاف الكثير من التوقعات والتكهنات عن أدوار المثقفين في النهوض بأوضاع بلدانهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في بلدان العالم الثالث، اتضح بعيد استقلال هاته البلدان أن ما راهنت عليه الشعوب لاسنتهاض هممها ونشر الوعي في صفوفها ما كان إلا وهما و سرابا.
وعلى الامتداد الجغرافي للوطن العربي الإسلامي، عرفت تجارب مريرة في الخيانة ،والعمالة للأجنبي كان أبطالها النخب المتعلمة الحذقة : فمنها ما ادعت النضال ومنها من مارسته في أفق التحرر السياسي والاقتصادي لمشهد ما بعد الفترة الكولونيالية،  ومنها من دارت في فلك السلطة واستدررت غنائمه، بعد أن باعت ما امتلكته من رأسمال رمزي في الحقبة السابقة.
وبالمقابل ومع بداية الستينات ، برزت بشكل كبير حركات الإسلام السياسي والدعوي ، وعرف الكثير من قاداتها ودعاتها وسط الفئات الاجتماعية المختلفة ، واستطاعت بفعل دينامية خطابها، أن تجدد الدين في نفوس الجماهير بعد أن اضمحل، وأن تؤطر بمقولاتها الفضاء السياسي والثقافي والتربوي، بالرغم من محاولات كبح جماحها، وتقزيم أدوارها، من قبل أنظمة الاستبداد السياسي المختلفة، وبالرغم من ذلك علا شأن التدين وبرز المتدينون بشكل كبير في المجتمع.
فكيف مات إذن المثقف العربي في ساحاتنا ؟ ذاك الذي ينطق بالنظريات، ويناقش الإشكاليات ويطرح البدائل، ويخوض النقاش الفكري والسياسي، نيابة عن المجتمع والدين. وكيف خفت بين ليلة وضحاها بريق الخطاب الحداثوي واضمحل ؟ وما مستقبل هذه الأوطان مع بزوغ فجر المتدين وصعود نجمه؟ وهل نحن فعلا أمام نهاية المثقف وبداية المتدين؟
قبل ان نتناول بالتحليل عناصر هذه المقالة ، لا بأس ان نحدد من نقصد بالمثقف ؟ ومن نقصد بالمتدين ؟ على الاقل من وجهة نظرنا هذه؟ حتى نرفع اللبس ونيسر للفهم.


بدايات المثقف وتحولات المسارات

على مر التاريخ البشري والإنساني، عرفت المجتمعات الانسانية تقسيمات وتفريعات بين مكوناتها، تبعا للأدوار التي يمكن أن يلعبه كل طرف فيها، فإلى جانب العمال والفلاحين والحرفين اي القوة العاملة الإنتاجية نجد العلماء والفقهاء والقضاة . الفئة الأولى تنتج المواد الغذائية والسلع ومنتوجات الاستهلاك اليومي المادي، والأخرى مهمتها الإنتاج الرمزي والثقافي للمجتمع ذاته.
 هذه الفئة الثانية هي ما يمكن ان ننعته ب "النخبة " او ما يعرف في التداول العربي الإسلامي بالخاصة في مقابل العامة (الفئة الاول).
 ويمكن أن نسقط الفئة الأولى فيما بات يعرف حديثا في أدبيات "اقتصاد المعرفة" بفئتي الإنتاج الرمزي الثقافي وفئة الوسيط ، وهم في درجات مختلفة منهم : المشتغلون في مراكز الأبحاث العلمية الدقيقة ، والعلوم الاجتماعية ، المخرجون السينمائيون وكتاب السيناريو، منتجي الوسائط السمعية البصرية عموما والمتحكمون في سلطة الإعلام، النقاد بمختلف فئاتهم، ثم الوسطاء وهم من يروج ما تخطه ايدي الفئة الأولى وما تنتجه من أعمال، بعد أن تكون أول من استهلكته ،  وهي التي نجدها تتكون  من معلمين وأساتذة ، وأعضاء الجمعيات الثقافية بمختلف تلويناتها.
 وبرغم تواجد هذه التصنيفات، يمكن القول أن بجانب الجماهير الواسعة، وطبقات الشعب المختلفة، توجد الطلائع الموجه لها، المعبرة عن آلامها وآمالها ،القادرة على توجيهها وتعبئتها، وتحديد مسارات المستقبل والإجابة عن أسئلته الصعبة.
لكن كيف تأتى لنا التمييز بين المثقف والمتدين ؟ أليس المتدين مثقفا بالمعنى الذي هو كائن منبثق من ثقافة ما، ومعبر عنها، ناطق بلسان حالها شكلا وممارسة؟ ثم متى كان المثقف يرفس الدين وأهله ويرى في مظاهره عقبة للتطور المجتمعي المنشود؟ أليس في انفصام الإثنين، تعبير من قبل المثقف، عن توق لإحلال ثقافة وافدة، مكان الأشكال الثقافية الحالية ؟ ثم ما العلاقة على الأقل في سياقنا الثقافي العربي الاسلامي ما بين الدين والثقافة ؟ أو بالأحرى بين التدين والثقافة؟

 التدين والعودة إلى الأصول

مخطئ من يستخف بالعوامل الثقافية ودورها في النهوض الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للمجتمعات، ويجعل من تحقيق دولة ومجتمع الرفاه غاية و "براديغم " التنمية ومنتهى أحلامها.
فالشعوب لا تعيش إلا من خلال ثقافاتها وعبر قدرتها على الاستمرار بالتعايش أو الصراع مع ثقافات اخرى متمايزة ، ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.
طبعا يشكل التاريخ والمجال الجيوستراتيجي الجغرافي منه والطبيعي والبشري كالعرق واللغة، محددات مصيرية في تشكيل نوع الانسان وماهيته وإطار تفكيره ونوعية قضاياه وملامح مستقبله.
إلا أن عنصر الدين وبتمازج مع العناصر السالف ذكرها يعيد بناء الإنسان بصيغ أخرى غير البعد المادي الذي يظهر عليه ، ولعل ثنائية الروح والمادة، ومعرفة حجم التفاعلات المتولدة عنهما ،والتداعيات الناتجة عن تزاوجهما، او تنافرهما أحيانا، يمكن أن يرصد لنا طبيعة الإنسان المرغوب ويفسر لنا أثر الدين ومنحنيات التدين.
 فالدين واحد والتدين أشكال وشتان ما بين الإثنان من فروقات دقيقة وهامة ، فالتدين طبيعة إنسانية  مسار يتطلب الحرص والاجتهاد، والبحث عن كمالات الروح ومقامات الأولياء والصالحين، سمته النقصان وغايته البحث عن الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة مع الاعتراف بالنقص عن إدراك مكامن القصد.
والتدين هنا في مفترق بين ثلاث أمور : التدين الواقع والدين المرغوب والدين المطلوب.
التدين واقع وتفاعل ، نظر وتطبيق ، هو الشكل الذي يتخذه الراغب في الوصول قبل الوصول. هو السباق الذي يشترك فيه العداءون وهم يدركون القصد من الانخراط فيه ، وقيمة الميداليات التي تنتظرهم، دون أن يعني ذلك أنهم بالفعل وصلوا المراتب المرغوب الوصول إليها، أو منعوا الوسائل لإدراك مرادهم.
أما الدين فهو لله، سمته الكمال ولا مجال للزيادة فيه أو النقصان ، خريطة طريق بل هو الطريق لمن أراد أن ينسجم وجوده مع غايات وجوده، وترتقي روحه مدارج السالكين، وتسلك طريق المحبين الذين رضي الله عنهم.

 قضايا المثقف والمتدين

إذا كانت قضية المتدين في الغالب يطبعها الوجود ومعانيه في علاقات الإنسان بخالقه : طبيعة العلاقة إقبال ام إدبار ، محبة دائمة أو توجه للبارئ تعالى فقط عند اشتداد الأزمات وضيق المعاشات ، إيمان دائم مستمر ومتجدد، أم نفس لوامة متذبذبة. فمعلوم في هذا المقام أن حاجة العبد إلى الله مهما كان هذا العبد مسلما أو نصرانيا أو مجوسيا حاجة دائمة وأبدية ،لا يمكن بأي حال من الأحوال التغافل عنها أو نكرانها، مهما اشتدت بالإنسان ضلالات الطريق وظلماته الحالكة.
فإن المثقف بالمعنى الذي ذكرنا، يعيش قضايا المجتمع ويحاول أن يجيب عن ما انطرح في ذهنه من عسر إحقاق العدالة في مجتمعه، وعن ما استولى على قلبه من حيرة الوجود وحتمياته، وما استشكل عليه من فهم صور المتناقضات التي يعج بها محيطنا وتتردد أصداؤها في كلامنا ، ومواقفنا ، وتراثنا.  
صحيح أن قضية الأول غير قضية الثاني، فالأول مطمئن ، واثق في القدرة الإلهية المدبرة لهذا الكون تدبيرا حكيما سبحانه وتعالى لا ينازعه فيه أحد، مهموم بانتشار دعوة سيد الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من حيث هي تخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. عالم بأن صلاح الحال والأحوال هو مرتبط بعلاقة الناس برب الناس ، ومن ثم فالمجال العلائقي والسياسي والاقتصادي لا يمكن أن ينفصل عن أمرين اثنينّ:
الاول: أن ما من اهتمام بشان خاص أو عام ، إلا وهو نابع من قيم ومثل تتجاوز مفهوم الغنيمة الدنيوية الضيقة، إلى رؤية أوسع وأجل هي تحقيق المجتمع المسلم ، مجتمع مكة والمدينة ، تربية وفكرا وسلوكا، وهو فعل (action) دعوي ديني وهو كذلك تثقيفي تنويري ما دامت دعوة محمد عليه الصلاة والسلام ، دعوة قلب وعقل، إيمان وتفكر. وهو إرادة تتقوى بحجم التفاعل السابق ذكره ( التدين ) لتتخذ أشكال مختلفة أحيانا شديدة التنوع أحايين أخرى ، لكن العمق هو هو ، يعبر عن صيرورة تاريخية وزمكانية ما لفعل التدين وعن مقدرته في الحسم مع العديد من القضايا المجتمعية بفكر مقاصدي متنور أو بقراءة حرفية للنص لا تستوعب فقه الواقع وأدوات التنزيل.   
الثاني: أن مجال التحرك والتدافع الفكري والاقتصادي محكوم بنواميس دقيقة ، وتتطلب سلاح المعرفة والعلم ، ليست المعرفة الدينية وحدها قادرة على التصدي المادي- حالة المجابهة- بل الأمر أكبر من ذلك. فلا قيمة للإرادة دون القدرة، ولا حاجة لنا للفكر دون تنزيل وتطبيق، فلا شك إذن أن نصرة الله الغيبية ، هي محصلة الأسباب المادية والغيبية في نفس اللحظة ، إذ لا يفصل المؤمن بين القيام بالأسباب وبين التوكل على رب الأسباب، ولنا في غزوة بدر النموذج والمثال.
أما ما يجول في خاطر المثقف ، فشيء آخر ، خصوصا عندما يحرم بصره رؤية حقيقة المجال الذي يشتغل فيه ، إذ كثيرا ما عوض أن يدفع مجتمعه إلى حيث الترقي وسمو الفكر، يفجر هنا أو هناك قضايا جانبية ، وينبش في التناقضات والاختلافات التي من شأنها تشتيث الجماعة ، وخلق التوثرات في صفوف أفرادها وبمعنى آخر يطرح الأسئلة المزيفة على حد تعبير المرحوم عابد الجابري، ويخوض معركة مع الثقافة المحلية ، دون أن يلتفت إلى معركة الاستعمار الثقافي الغالب وتجلياته المختلفة.
والمثقف كثيرا ما يخوض في قضايا متعددة ، في نفس الوقت دون أن يمنح نفسه فرصة الانتهاء من قضية والانتقال لأخرى ، إنه يجيد فن التلاعب وفن الخطاب وفن الـتأثير في الجماهير المستعجلة في أمرها. لقد بات المثقف من خلال هذا السلوك أعجز من أن يقوم بتنوير الناس على حد تعبير علي حرب، لقد أصبح يتعامل مع فكرة التنوير بصورة غير تنويرية.

المثقف والمثال:

كثيرا ما انتقد المثقف المتدين بحالمية ما يطرحه من مسارات التغيير الاجتماعي والسياسي ، بدعوى الرؤية الفضفاضة غير الواقعية في تحقيق العدل وتنمية الاقتصاد وإصلاح التربية وتوفير الخدمات الاجتماعية ، في المقابل يتناسى هو نفسه أن قضايا الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان الذي يطرحها، هي في العمق بحث عن مثال ونموذج وأن واقع تجربتها الحالي في العديد من البلدان الغربية هي محك تفاعلي لثقافة هذه البلاد وخصوصياتها المجالية والهوياتية ، إذ يمكن أن استلهام تجربة ،لكن لا يمكن إسقاطها.
ينسى المثقف كثيرا أن الإنسان محور التغيير الاجتماعي والسياسي ، لا يمكن أن ينفصل عن جينالوجيا ثقافته ومعتقداته وماهيته، فالإنسان كما قيل بيوثقافي ، وبالتالي لا يمكن بمعول هدم عناصر ماهية هذا الإنسان والتي من بينها اللغة والدين ، أن يستقيم هذا المسمى التغيير الثوري أو الإصلاح العلماني.
ياسين الضوو
( يتبع)
      


لا إِله إلا انت سبحانك ربى اني كنت من الظالمين - حسبى الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم - رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا ومحمد عليه افضل الصلاة والسلام نبيا - لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم - يارب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك - اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد عليه افضل الصلاة والسلام - سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر - حسبنا الله ونعم الوكيل - استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم