الاثنين، 2 يوليو 2012

بين التحريض على الفساد والتحريض على القتل


بين التحريض على الفساد والتحريض على القتل

تبدو تداعيات تصريحات الشيخ نهاري الأخيرة قابلة للجدل أكثر في الأيام المقبلة. والتي مفادها دعوة الشيخ لقتل المدعو الغزيوي، وإن كان هذا جزءا من الحرب الإعلامية الكبيرة التي  يبدو للأسف أن الآلة التضليلية المغربية من بعض الصحف والمجلات والقناة ( الوطنية ) ، لا زالت تغرد خارج سرب التوجه العام للمجتمع المغربي المسلم. وتشتغل ضدا على نتائج استطلاعات الرأي العام، والتعبير الانتخابي ل 25  نونبر الأخير.
فإذا افترضنا كما تحاول بعض الأقلام ، أن الصحفي المختار الغزيوي، جاءت تصريحاته ضحية سؤال ذكي للصحفية العاملة بالقناة اللبنانية ، ولم يقصد بقوله ما فهم منه ، إلا أنه وبنفس منطق التماس الأعذار، يمكن القول أن سياق كلام الشيخ، جاء أثناء الاستشهاد بمقولة فقهية منسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم وهي "اقتلوا من لا غيرة له", دون أن يعني ذلك وجود نية القتل المادي، أو ما يسمى بالقصد الجنائي في مقولته تلك. وإن كان القتل الرمزي لمثل هذه الأفكار التي تسيئ للذات الوطنية المغربية ، ومجابهتها بالحوار والنقد مطلب كل الغيورين.
وبعودتنا إلى السياقات التي جاءت بعد هذه الوقائع، والتراشق الكلامي والإعلامي، نورد الملاحظات التالية :
أولا: دعوة الصحفي الغزيوي للحرية الجنسية في مجتمع مغربي مسلم ، رئيس دولته أمير للمؤمنين هي تحريض واضح على الفساد ، يتحدى المشاعر القومية المغربية بكل المقاييس ، وينحرف بالنقاش العام حول الحرية والعدالة الاجتماعية، والديمقراطية إلى مستويات متدنية. وهو أمر ينضاف إلى سلسلة الإساءات لصورة المغرب بالخارج ، حيث ما يزال الجرح غائرا بعد الرسوم الكرتونية الكويتية ، وما وصلت إليه سمعة فتيات ونساء المغرب لدى دول الخليج وغيرها من الدول الغربية.
إن تصريحا بهذا الشكل لقناة فضائية عربية تخاطب الجمهور العربي الواسع ، والقول فيها كمغربي بقبول ورضا زنا الأم والأخت .... ، هو تحد سافر وجرأة وقحة لا تحتاج إلى من يخفي وقعها على النفوس ،إذ لا يمكن تغطية الشمس بالغربال.
ومن ثم وجب التحقيق مع هذا المواطن ، ورفع دعوى قضائية عليه لمسه بالنظام والأخلاق العامة ، وتشويهه لصورة المرأة المغربية ، حيث  اختزل قضية  تحررها في الجسد. وهو أمر كان مضمرا في بدايات تلك الدعوات ما فتئ إن اتضح اليوم أكثر وانكشف.
لقد أضحى الخطاب الحداثوي اليوم منشغلا بالدعوات الصريحة للبوح بالجنس وللتطبيع مع بعض الممارسات المشينة التي لطالما رفضها المجتمع ، برغم بعض التسامح الذي يبديه اتجاهها.
إن الخط التحريري والتوجه الإيديولوجي للصحيفة التي يترأس إدارة تحريرها هذا الصحفي، بالإضافة إلى بعض الجرائد الاخرى . بعيد عن أي أفق لتحديث المجتمع والنهوض به فكريا وثقافيا. بل بعيد أيضا عن مجرد التمايز الفكري واللون السياسي التي يعبر عن وجهة نظر فئات منه، إنه توجه شغله الشاغل تسويق قيم الابتذال والتعري ، وثقافة المواضيع الجنسية بحثا عن الإثارة والبيع، بل إن البعض منها يعتمد كمنهج إعلامي الصورة الفاضحة في الصفحة الأخيرة من الجريدة. إمعانا في المزيد من ترسيخ التطبيع معها، دون ادنى حرج في تأثير ذلك على الأطفال والقاصرين على الاقل.وهو توجه على كل حال لا يخفى على كل لبيب.
ثانيا: بالنسبة للشيخ النهاري ، صحيح أن أن رد فعله العفوي جاء من باب غيرته على الهوية والذات الوطنية، وتسرع عند نطقه بالأحكام الشرعية في هذا الباب ، دون أن يأخذ بعين الاعتبار ب "فقه الواقع" من حيث السياق السياسي والاجتماعي الذي يتطلب إعمال القانون والاحتكام لقواعده.
لقد تفوه الشيخ بما يمليه عليه واجبه كخطيب وعالم دين لا يخاف في الله لومة لائم دون النظر في المآلات الشرعية والقانونية لذلك، وهو أمر يتكررعند أكثر من خطيب، وكأن ضغوطا نفسية تمارس عليهم لإخفاء الفتاوى الشرعية والأحكام في  بعض القضايا  التي تمس الحراك والتدافع الاجتماعي.
ومن ثم نقول أن القانون هو وحده الكفيل بردع المفسدين وردهم عن غيهم. وأن تتبع هفوات العالم كان ولا يزال مهنة الإستئصاليين الذين يستقوون بالخارج وبخطاب حقوق الإنسان العالمي ويسترزقون به.
لقد آن الأوان للمشرع المغربي أن يعبر عن ما يختلج الغالبية العظمى من أبناء هذا الوطن من الضيق والاستفزاز وأن يترجمه إلى مشاريع قوانين تحصن الذات من العبث، وتصون القيم المغربية الأصيلة من تقول المتقولين واستخفافهم, فقد أضحى الأدب المغربي والشخصية الوطنية مثار سخرية الرويبضة وأشباه المثقفين، المحرضين على الفساد الأخلاقي علانية، وعليه أن يسن قوانين رادعة لكل خائن يعيث فسادا في البلاد كيفما كان نوعه.
الملاحظة الأخيرة : مما أثير في هذه الحادثة تحامل القناة العمومية الثانية الفاضح لجهة دون غيرها، حيث استضافت طرفا وحيدا في القضية ، وهو المحرض على الفساد ، دون منح فرصة الاستماع لوجهة النظر الأخرى وركزت النقاش في قضية التحريض على القتل، دون الالتفات إلى اصل القضية ودواعييها .
وهذا أمر يبين باللموس قدرة هذه الأوساط الإعلامية على قلب الحقائق ، وتزييف الوقائع . ويكشف لا ديمقراطيتها في التعاطي مع القضايا العامة . هذا المعطى ينسجم إلى حد ما مع الأجندات التي تخدمها هذه القناة المسماة بالوطنية. والبعيدة في خدماتها عن الرقي بالمجتمع والتعبير عن اختلافاته الفكرية والأيديولوجية بالتوازن المطلوب . وهو امر يكرس واقع يعرفه الكبير والصغير اليوم خصوصا بعد مسلسل فضيحة دفاتر الخلفي الممزقة.   

لا إِله إلا انت سبحانك ربى اني كنت من الظالمين - حسبى الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم - رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا ومحمد عليه افضل الصلاة والسلام نبيا - لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم - يارب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك - اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد عليه افضل الصلاة والسلام - سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر - حسبنا الله ونعم الوكيل - استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم