السبت، 14 مايو 2011

حكاية مخطوط من دمنات





من نفائس المخطوطات التي كانت بحوزة الحاج محمد الفتاوي رحمه الله بمكتبته والتي جمعها بمدينة دمنات بدافع الحب للعلم والعلماء وما خطته أيديهم، مخطوط بعنوان : تفسير غريب الموطأ لمؤلفه عبد المالك بن حبيب السلمي الأندلسي 174ه/238ه .
ولقد شاءت قدرة الله عز وجل أن يتم تحقيق هذا المخطوط ويتم إصداره في مجلدين إثنين يكونان الجزء الأول والثاني منه، لينتفع به طلبة العلم، وأهل الاختصاص وعامة الناس.فما قصة هذا المخطوط؟

بداية حياة لمخطوط منسي:

امتاز الفقيد الحاج محمد الفتاوي ، نتيجة لحبه للعلم والعلماء . بخصلة جمع المخطوط بمدينة دمنات والاهتمام به وعنايته. وكان أن خصص رحمه الله لهذا الغرض صناديق زجاجية تصونها وتحفظها من الرطوبة والإتلاف. ولأن الرجل ليس من أهل الاختصاص في تحقيق المخطوطات وسبر أغوار مضامينها. فقد كان يكتفي بعرضها كلما تم استدعاؤه في مناسبة من المناسبات ، حتى يظهر لأبناء المنطقة وزوارها هذا الميراث، ويثير انتباههم عن مدى أهمية المخطوط بالمدينة. وكان أمله أن تعم فائدتها وينشر خيرها في أرجاء المعمور.
وكان أن قرر الرجل أثناء رحلته إلى الديار المقدسة ، أن يهدي المخطوطة لخزانة الحرم المكي ويحبسها هناك،بنية أن يأتي الله بمن يفرج عنها ، ويكشف كنوزها.فتم له ذلك بعد أن وضعت بين يدي الدكتور عبد الرحمان بن سليمان العثيمين وهو أستاذ جامعي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، الذي أصدرها في جزئين.

ومعلوم أن الرجل كان بعمله ذلك يبتغي السترة جريا على عادة أهل التقى والإخلاص عند انشغالهم بأمور التعبد، ونحن إذ نذكر ذلك فمن باب التتبع المنهجي والعلمي للمصادر والأخبار، من خلال توثيقها. يقول المحقق في الصفحة 162: "...النسخة أهديت إلى مكتبة الحرم المكي الشريف حديثا من رجل ليس من المصلحة التصريح بذكر اسمه جزاه الله خيرا، فلعل دعوة صالحة له في أفضل بقعة على وجه الأرض – مكة شرفها الله- خير له من التنويه به،نسأل الله لنا وله جزيل المتوبة وعظيم الأجر، وأن يجعلها في ميزان حسناته. ورقم الكتاب في المكتبة المذكورة هو (4612-عام).

في علاقة المخطوط بالمكان:
ومن هذا الباب حق لنا التساؤل، كيف وصلت هذه النسخة الفريدة لكتاب الفقيه القرطبي عبد المالك بن حبيب السلمي الأندلسي إلى مدينة دمنات ؟ وهي نسخة نادرة ومفقودة ، هل للأمر علاقة بدوار أيت واودانوست ومن بقايا ميراثهم. وهم الذين  ذهب فيهم المؤرخ أحمد توفيق بالاستناد إلى ما تحدث عنه البكري من وجود أندلسيين من الربضيين بتادلا (المعرب، الصفحة 155) بالقول:" ...نرجح أن يكون ما يدعيه "آيت واودانوست" ، وهم فرقة من إنولتان مجاورين لدمنات من كونهم أندلسيين، إدعاءا صحيحا،( لا سيما وأن بعض سكان جبال إنولتان ما زالوا في نطقهم يقلبون الام نونا وفي كتابات موثقيهم شهادة على ذلك)".كتاب المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر، الصفحة 57 . أم أنه كان مما يتداول بين العلماء والفقهاء في الزوايا والمساجد وحلق العلم بدمنات؟. وماذا عن القيمة التاريخية للمخطوطة، ضمن مؤلفات هذا العالم ؟ ومن هو عبد المالك بن حبيب السلمي الأندلسي؟

يقول المحقق: "لا أعرف أحدا سبقني للكشف عن هذا الآثار من آثار بن حبيب - رحمه الله – فقد بقي الكتاب مجهولا لدى الباحثين عن الثراث من بداية نهضتنا العلمية المباركة في البلاد العربية الإسلامية، منذ ما يزيد عل قرن من الزمان، بل أكثر من ذلك......" (تفسير غريب الموطأ الجزء الأول ،الصفحة 161).
أما عن نسب المؤلف فهو عبد الملك بن حبيب، بن سليمان بن هارون بن جاهمة بن عباس بن مرداس السلمي، العباسي المرداسي، القرطبي، الأندلسي، أبو مروان.
وهو ممن تولى الإفتاء والمشورة، ومن معاصري فتنة "الربض " سنة 190 هجرية، وسنة 202ه أي زمن حكم بن هشام و ما عرف بعدها بالحكم " الربضي" بالأندلس ما بين (180-206ه) إذ بسببها انتقل إلى "ألبيرية". وفي إشارة غريبة ومتطابقة لما سبق قوله من تفسير للعلاقة بين المخطوطة ومكان اكتشافها. يذكرالمحقق الآتي
: " .....أزهقت في هذه الفتنة أرواح ، وخربت فيها ديار، وساد البلاد فوضى لا مثيل لها في ذلك الزمان، وانتهكت المحارم، وسلبت فيها الأموال، وشرد الناس عن بيوتهم وديارهم، ونال العلماء والفقهاء أذى كثيرا..... وبعد تمكن الحكم المذكور من الثائرين، وانتصاره عليهم، وعزمه على تتبعهم بالأندلس، وقتلهم حيث وجدوا، أصاب الناس إرجاف وذعر وخوف، وخرج الناس أفواجا بأهليهم وأولادهم، وتفرقوا في البلاد، واجتازوا العدوة إلى المغرب......" (تفسير غريب الموطأ الجزء الأول الصفحة 31)
مضامين الكتاب:
اختار الدكتور عبد الرحمان بن سليمان العثيمين كمنهجية للتحقيق في مخطوطة "تفسير غريب الموطأ"  أن يقسم الكتاب إلى ثلاث فصول ،متبوعة بالنص المحقق وهكذا جعل الفصل الأول في ترجمة مؤلف المخطوطة عبد المالك بن حبيب السلمي الأندلسي وذكر مساره العلمي وآثاره والمشايخ الذين تتلمذ على أيديهم، والتلاميذ الذين أخذوا العلم عنه. وفي الفصل الثاني قدم "شروح الموطأ" الموجودة والمفقودة، وعرف باختصار بمؤلفيها.كما خصص الفصل الثالث للكتابة في المخطوط وما اشتمل عليه من فوائد، وذكر منهج المؤلف وطريقة تأليفه للمخطوطة. ليختم تصميمه بالنص المحقق والذي جاء على الشكل التالي:
شرح غريب كتاب وقوت الصلاة
 شرح غريب كتاب وقوت الطهارة
 شرح غريب كتاب الصلاة الجمعة
شرح غريب كتاب صلاة الجماعة
شرح غريب كتاب قصر الصلاة
شرح غريب كتاب الكسوف
شرح غريب كتاب الاستقصاء
شرح غريب كتاب القبلة
شرح غريب كتاب القرآن
شرح غريب كتاب الزكاة
شرح غريب كتاب الحج
شرح غريب كتاب الجهاد
شرح غريب كتاب الصيام
شرح غريب كتاب البيوع
شرح غريب كتاب الرضاعة
شرح غريب كتاب النكاح
شرح غريب كتاب الطلاق
شرح غريب كتاب الحدود
شرح غريب كتاب الأشربة
شرح غريب كتاب القسامة والعقوق
شرح غريب كتاب الأقضية
شرح غريب كتاب الوصية
شرح غريب كتاب الجنائز
شرح غريب كتاب الذبائح
شرح غريب كتاب العقيقة
شرح غريب كتاب القراض
شرح غريب كتاب المكاتب
شرح غريب كتاب الإيمان
شرح غريب كتاب الجامع
شرح غريب كتاب القدر
شرح غريب كتاب حسن الخلق
شرح غريب كتاب اللباس
شرح غريب كتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم
شرح غريب كتاب العين
شرح غريب كتاب الرؤيا
شرح غريب كتاب الشعر
شرح غريب كتاب السلام
شرح غريب كتاب الاستئذان
شرح غريب كتاب الكلام
شرح غريب كتاب الصدقة
شرح غريب كتاب أسماء النبي
شرح غريب كتاب جامع الجامع





مخطوط دمنات بين التنقل والاندثار





تبلور الوعي بأهمية مدينة دمنات التاريخية لدى جيل
 من أبناء البلدة ، وعلى الأخص الجيل الذي أنتمي إليه من خلال ما يلي:
1     الشواهد الحية التي تترآى أمام ناظرينا من أسوار وقصبة وفنادق وأسواق ودور دباغة.
الحكايات والروايات الشفهية للعديد من النوازل التاريخية ، والتي تلقيناها عن ذواتنا ومحيطنا ،أثناء مجالستنا للأجداد والآباء، ومن سبقنا من المتأخرين.
قراءاتنا المتقطعة والسطحية وغير المتخصصة، لمؤلف السيد أحمد التوفيق " المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر إنولتان 1850/1912".
رؤيتنا لمجموعة من الصناديق الزجاجية متنقلة من هنا إلى هناك ، في المناسبات والمهرجانات. في ملكية الحاج محمد الفتاوي ،وتضم أنفس المخطوطات التي جمعها هذا المحب للمخطوط، وكان حريصا عليها حرص الأم بولدها . بحيث كانت لرمزية رؤية الصناديق، رغم جهلنا بمضمون ما تحتويه. دلالة فائقة فهي شهادة إثبات على ما قيل لنا ويقال في حق هذه المدينة المنسية.
فما مآل إذن مخطوطات مدينة دمنات، وخزانات الكتب بها؟

في تعريف المخطوط:

اشتقت كلمة مخطوطة من الفعل خط يخط أي كتب أو صور اللفظ بحروف هجائية .
والمخطوط في الاصطلاح :هو النسخة الأصلية التي كتبها المؤلف بخط يده باللغة العربية أو سمح بكتابتها أو أقرها أو ما نسخه الوراقون بعد ذلك في نسخ أخرى منقولة عن الأصل أو عن نسخ أخرى غير الأصل.
وفي هذا المعنى فكل نسخة منقولة بخط اليد عن أي مخطوطة تعتبر مخطوطة مثلها، حتى لو تم النقل أو النسخ بعد عصر النسخة الأصلية .
ارتبط المخطوط بشكل كبير في المغرب بالزوايا الصوفية وبالمساجد العتيقة، وإذا سلمنا بتواجد المخطوط بكثرة في حاضرة دمنات في فترة من الفترات ، لزمنا أيضا أن نقر بتطور في الحياة الثقافية والفكرية شهدته المدينة، فعرفت في علوم:
 التصوف والرقائق، والأقضية والفتاوى ، والتاريخ وعلوم القرآن...الخ . ومما لاشك فيه أن من وراء هذا التطور نخبة من الزهاد والفقهاء المتصوفة نذكر منهم
 على سبيل الذكر لا الحصر :

إمام العارفين, سيدي أبو يعزى آل النور عبد الرحمن الهسكوري والمعروف عند العامة «بمولاي بوعزة»
الفقيه محمد الحجوجي الدمناتي
العلامة علي بن سليمان الدمناتي البوجمعاوي
الفقيه والعلامة محمد الكيكي
محمد ابن شيخ الجماعة ، قاضي دمنات أبي عبد الله محمد كرداس
الشاعر الناثر علي بن محمد بن عبد القادر الحسني العدلوني الدمناتي
الفقيه أبي الحسن علي الدمناتي

وفي المقابل شهدت المدينة جملة من الوقائع التاريخية، اتسمت بالاضطراب والفتن خصوصا عقب وفاة المولى الحسن الأول. مما اضطر بسببه مجموعة من الأسر العريقة إلى التنقل إلى حواضر كل من مراكش وفاس ومكناس وسلا، فحملت معها الكثير مما لديها من نفائس وكتب.
ولا شك أن بالصعوبة بمكان تتبع الخيوط الناظمة الموصلة لجميع مخطوطات دمنات. خصوصا من غير متخصص مثلي في هكذا أمور. إلى أننا وبالاستناد إلى ما توفر لدينا من بيانات نؤكد الآتي :
أغلب مخطوطات أعلام المنطقة تتواجد بالزوايا القريبة والبعيدة ، كما حدث لمخطوطات العلامة علي بن سليمان الدمناتي البوجمعاوي الموجود بعضها بخزانة تمكروت، مثال مخطوط « شرح علی الرسالة القيروانية » المسجل تحت عدد 3169. وبعضها بخزانة ابن يوسف كما هو الشأن لمخطوط « مواهب المالك في شرح ألفية ابن مالك » . كذا الشأن لمخطوطات الشيخ أبي يعزى الهسكوري.

وغني عن البيان أن المخطوط  يتواجد بكثرة بالخزانات الخاصة لدى بعض العائلات، في إطار ما يسمى ب"مكتبة الدار". فقد ذكر الدكتـور عـبد الله المــرابـط التـرغـي في مؤلفه :حركة كتابة الرحلة واتجاهاتها في المغرب على عهد العلويين، باحثا عن مخطوطة: الرحلة الصغرى لمحمد عبد السلام بناني انه بالاستناد إلى محمد الفاسي فإنها توجد في مكتبة خاصة بدمنات.

كما عرفت مجموعة من المخطوطات طريقها إلى ورثة صاحبها ، فكانت محل تبعثر وضياع حال جهل الأبناء بقيمتها العلمية والتاريخية ، وعنها كنا نسمع ببيوعات لمخطوطات بأبخس الأثمان للعابرين وزوار المدينة. ومنها من كان محل صيانة وبعد نظر حال الخزانة الحجوجية للفقيه محمد الحجوجي ، والتي انقسمت بحسب الباحث نوَّاف بن محمد العبدالله الرشيد إلى قسمين :
 القسمُ الأوَّل :  وفيه مصنفاته ، نقلها ابنه مَحمد بن محمد الحجوجي إلى مَسْكنه بمدينة الجديدة ، حيث ظل محافظاً على مكتبة والده منذ أكثر من ستين سنة، وهي لديه إلى اليوم.
والقسم الثاني : من غير مصنفاته انتقلت إلى الدار البيضاء ، وهي في منزل حفيده الأستاذ مُحمد بن مَحمد الحجوجي ، وفيها مُجلدٍ ضخم كَتَبَ فيه والده فهرساً للكتب التي في خزانته .
أما بالنسبة للمخطوطات التي جمعها المرحوم الحاج محمد الفتاوي وحرص عليها والتي فيها أزيد من 300 مخطوط لكبار العلماء والفقهاء،وتغطي فنونا وعلوما مختلفة منها النحو والفقه والسيرة والرحلة والتصوف والحديث والطب والجغرافيا. فقد اختار الرجل قبل وفاته بحسب بعض المصادر، أن يحبسها في خزانة جامعة بن يوسف بمراكش، لتعم الفائدة ويجعله الله تبارك وتعالى في مقام الذين تركوا العلم الذي ينتفع به.

"أرحبي ن دمنات"


"تيمط ن دمنات" هكذا كانت تردد الجدة الحاجة زهرة رحمة الله على روحها الطيبة، كلما ذكرنا في حضرتها حي أرحبي بدمنات ، وهي تعني بذلك أن أرحبي بالنسبة لها، كحي تاريخي من أحياء مدينة دمنات هو بمثابة " السرة " للجسد. بالنظر لموقع هذا الحي في البناء المعماري والهندسي للمدينة.
لكن وبالعودة إلى المصادر التاريخية، نجد أن دمنات كتجمع سكاني وجزء من قبيلة "إنولتان" كانت تتكون من ساكني الداخل أي داخل الأسوار وهم أيت يحيى، ومن تجمعات سكانية أخرى تسكن خارج القبيلة وهم أيت واودانوست.
وقد ذهب المؤرخ أحمد توفيق إلى اعتبار أن أيت يحيى هي التي سميت فيما بعد ب "أرحبي" . وبهذا المعنى فأرحبي هم سكان دمنات داخل السور، يقابلونهم سكان القصبة، الذين لم يكونوا سوى سكان الحي الإداري بالمعنى المعاصر والذي يضم قصر عامل دمنات وأسرته وأصهاره ، وخدمه وحاشيته.وكذا مساكن المخازنية. لذا ليس من الغرابة أن نجد على ضفة القصبة الشرقية ، رياض القايد وفي الجهة المقابلة " جنان المخزن".
إلا أننا نميل في هذا الباب إلى معنى آخر لأرحبي، وهو معنى متداول بين ساكنة القصبات التاريخية التي نجدها في كل من ورزازات وتافيلالت. إذ نجد من مكونات معمار القصور وفضاءاتها، بالإضافة إلى الباب الرئيسي ، وهو مقدمة ولوج القصبة، والمسجد و"تاخزانت نتقبيلت " أي المخزن والبئر الجماعي. نجد كذلك أرحبي وهو عبارة عن فضاء رحب وواسع في المدخل الرئيسي للقصر ، يخصص للتجمعات العامة للقبيلة، وفيه تقام الحفلات في المواسم والأعياد.

وبالنظر إلى ما كانت عليه الأسوار بالمدينة من هندسة معمارية فريدة وصفها الراهب شارل دوفوكو الذي مر بدمنات ( 1883 - 1884 )  بقوله : " إن دمنات محاطة بسور مستطيل الشكل، جذرانه ذات شرفات ، و هي مزودة بمصاطب للرماة ، و مجنبة ببروج ، و الكل في حال جيدة ، لا خرق فيه و لا تحطيم . و تمكن ثلاثة أبواب من الدخول إلى المدينة . أما القصبة فلها سورها على حدة "
فإلى أي حد يمكن لنا القول أن ساكنة دمنات كانت تعيش في ظل قصر كبير ذي أربعة أبواب كحال القصور الموجودة بالجنوب؟ .

مما يعزز الإجابة باحتمال ذلك لدينا ، اضطرار أهل أرحبي "تيمط ن دمنات" إلى تحطيم المنار العالي للمسجد الجامع بأرحبي وجعله قصيرا، بسبب استغلال السياب له أثناء مهاجمتهم للدور المجاورة له ، ومعلوم في العمارة الإسلامية أن المسجد يشكل القلب النابض في هندسة المدن العتيقة . بالإضافة إلى أنهم تحملوا الجزء الأكبر من نفقات بناء سور مدينتهم. يقول التوفيق في الصفحة 147 ، المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر إنولتان 1850/1912 : " في عهد علي أحدو أمر سيدي محمد ببناء سور لمجموع دمنات، بعد أن كان السور يحيط بالقصبة وحدها – والمقصود هنا سور موسى نسبة إلى موسى بن نصير والذي يحيط بالقصبة المخزنية- وذلك بعد أن استهدف النهاب أسواق دمنات مرات عديدة، وأنفق على بناء السور وأبراجه من أحباس مسجد دمنات، ودفع فيه أهل أرحبي سبعين مثقالا لكل دار".
من هنا يمكن أن نعتبرأن ساكنة دمنات كانت تعيش في نمط معمار مغاير لما نتصوره، هندسة تقع ما بين "تغرمين" أي الدار الكبيرة المبنية بالحجارة أو الطوب، والقصور الصحراوية التي تميز واحات دادس. فكان هاجس السكان في إقامة هاته العمارة، هوالأمن من الهجمات المحتملة من الخارج ،من خلال تعلية أسواره ، وتخصيص أبراجه بحراسة مشددة ، ومن تم ففضاء هذا القصر الكبير الرحب هو "أرحبي" كمجال لتجمع القبيلة في سطه، ومتنفس لسكانها.
لا عجب إذن من أن هذا الفضاء عينه كان ولا يزال إلى يومنا هذا، يعج بالحركية وبالباعة المتجولين، ويعمر بحيوية الأطفال وبشغب الصبيان، في انسجام تام مع الحمامين التاريخيين والمرافق الأخرى، ومع فضاء المسجد " مسجد أرحبي" التاريخي.   
لا إِله إلا انت سبحانك ربى اني كنت من الظالمين - حسبى الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم - رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا ومحمد عليه افضل الصلاة والسلام نبيا - لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم - يارب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك - اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد عليه افضل الصلاة والسلام - سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر - حسبنا الله ونعم الوكيل - استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم